سنن ابي داود الجزء الاول

سنن ابي داود

الجزء الاول

متسلسل العدد النوع العنوان الوصف
1 - - الجزء الاول
2 - - ترجمة الحافظ سليمان بن الاشعث السجستاني المعروف بابي داود سليمان بن الاشعث بن شداد بن عمرو بن عامر. كذا اسماه عبد الرحمن بن ابي حاتم. وقال محمد بن عبد العزيز الهاشمي: سليمان بن الاشعث بن بشر بن شداد. وقال ابن داسة، وابو عبيد الاجري: سليمان بن الاشعث بن اسحاق بن بشير بن شداد. وكذلك قال ابو بكر الخطيب في "تاريخه". وزاد: ابن عمرو بن عمران. الامام، شيخ السنة، مقدم الحفاظ، ابو داود، الازدي السجستاني، محدث البصرة. ولد سنة اثنتين ومائتين، ورحل، وجمع، وصف، وبرع في هذا الشان. قال ابو عبيد الاجري: سمعته يقول: ولدت سنة اثنتين، وصليت على عفان سنة عشرين، ودخلت البصرة وهم يقولون: امس مات عثمان بن الهيثم المؤذن. فسمعت من ابي عمر الضرير مجلسا واحدا. قلت: مات في شعبان من سنة عشرين، ومات عثمان قبله بشهر. قال: وتبعت عمر بن حفص بن غياث الى منزله، ولم اسمع منه وسمعت من سعيد بن سليمان مجلسا واحدا، ومن عاصم بن علي مجلسا واحدا. قلت: وسمع بمكة من القعنبي، وسليمان بن حرب. وسمع من: مسلم بن ابراهيم، وعبد الله بن رجاء، وابي الوليد الطيالسي، وموسى بن اسماعيل، وطبقتهم بالبصرة. ثم سمع بالكوفة من: الحسن بن الربيع البوراني، واحمد بن يونس اليربوعي، وطائفة. وسمع من: ابي توبة الربيع بن نافع بحلب، ومن: ابي جعفر النفيلي، واحمد بن ابي شعيب، وعدة، بحران.. ومن حيوة بن شريح، ويزيد بن عبد ربه، وخلق بحمص. ومن صفوان بن صالح، وهشام بن عمار، بدمشق، ومن اسحاق بن راهويه وطبقته بخراسان. ومن احمد بن حنبل وطبقته ببغداد. ومن قتيبة بن سعيد ببلخ. ومن احمد بن صالح وخلق بمصر. ومن ابراهيم بن بشار الرمادي، وابراهيم بن موسى الفراء، وعلي بن المديني، والحكم بن موسى، وخلف بن هشام، وسعيد بن منصور، وسهل بن بكار، وشاذ بن فياض، وابي معمر عبد الله بن عمرو المقعد، وعبد الرحمن بن المبارك العيشي، وعبد السلام بن مطهر، وعبد الوهاب بن نجدة، وعلي بن الجعد، وعمرو بن عون، وعمرو بن مرزوق، ومحمد بن الصباح الدولابي، ومحمد بن المنهال الضرير، ومحمد بن كثير العبدي، ومسدد بن مسرهد، ومعاذ بن اسد، ويحيى بن معين، وامم سواهم. حدث عنه: ابو عيسى، في "جامعه"، والنسائي، فيما قيل، وابراهيم بن حمدان العاقولي، وابو الطيب احمد بن ابراهيم بن الاشناني البغدادي، نزيل الرحبة، راوي "السنن" عنه، وابو حامد احمد بن جعفر الاشعري الاصبهاني، وابو بكر النجاد، وابو عمرو احمد بن علي بن حسن البصري، راوي "السنن" عنه، واحمد بن داود بن سليم، وابو سعيد بن الاعرابي راوي "السنن" بفوت له، وابو بكر احمد بن محمد الخلال الفقيه، واحمد بن محمد بن ياسين الهروي، واحمد بن المعلى الدمشقي، واسحاق بن موسى الرملي الوراق، واسماعيل بن محمد الصفار، وحرب بن اسماعيل الكرماني، والحسن بن صاحب الشاشي والحسن بن عبد الله الذراع، والحسين بن ادريس الهروي، وزكريا بن يحيى الساجي، وعبد الله بن احمد الاهوازي عبدان، وابنه ابو بكر بن ابي داود، وابو بكر بن ابي الدنيا، وعبد الله بن اخي ابي زرعة، وعبد الله بن محمد بن يعقوب، وعبد الرحمن بن خلاد الرامهرمزي، وعلي بن الحسن بن العبد الانصاري، احد رواة "السنن"، وعلي بن عبد الصمد ما غمه، وعيسى بن سليمان البكري، والفضل بن العباس بن ابي الشوارب، وابو بشر الدولابي الحافظ، وابو علي محمد بن احمد اللؤلؤي، راوي "السنن"، ومحمد بن احمد بن يعقوب المتوثي البصري، راوي كتاب "القدر" له، ومحمد بن بكر داسة التمار، من رواة "السنن"، ومحمد بن جعفر بن الفريابي، ومحمد بن خلف بن المرزبان، ومحمد بن رجاء البصري، وابو سالم محمد بن سعيد الادمي، وابو بكر محمد بن عبد العزيز الهاشمي المكي، وابو اسامة محمد بن عبد الملك الرواس، راوي "السنن" بفواتات، وابو عبيد محمد بن علي بن عثمان الاجري الحافظ، ومحمد بن مخلد العطار الخضيب، ومحمد ابن المنذر شكر، ومحمد بن يحيى بن مرداس السلمي، وابو بكر محمد بن يحيى الصولي، وابو عوانة يعقوب بن اسحاق الاسفراييني. وقد روى النسائي في "سننه" مواضع يقول: حدثنا ابو داود، حدثنا سليمان بن حرب، وحدثنا النفيلي، وحدثنا عبد العزيز بن يحيى المدني، وعلي بن المديني، وعمرو بن عون، ومسلم بن ابراهيم، وابو الوليد، فالظاهر ان ابا داود في كل الاماكن هو السجستاني، فانه معروف بالرواية عن السبعة، لكن شاركه ابو داود سليمان بن سيف الحراني في الرواية عن بعضهم، والنسائي فمكثر عن الحراني. وقد روى النسائي في كتاب "الكنى"، عن سليمان بن الاشعث، ولم يكنه، وذكر الحافظ ابن عساكر في "النبل" ان النسائي يروي عن ابي داود السجستاني. انباني جماعة سمعوا ابن طبرزد، اخبرنا ابو البدر الكرخي، اخبرنا ابو بكر الخطيب، اخبرنا ابو عمر الهاشمي، اخبرنا ابو علي اللؤلؤي، اخبرنا ابو داود، حدثا محمد بن كثير، اخبرنا جعفر بن سليمان، عن عوف، عن ابي رجاء، عن عمران بن حصين قال: جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليكم. فرد عليه، ثم جلس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم "عشر". ثم جاء اخر، فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فرد عليه، فجلس، فقال: "عشرون". ثم جاء اخر، فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فرد عليه، فجلس، وقال: "ثلاثون". اخبرنا ابو الحسين علي بن محمد فيما اظن وعمر بن محمد الفارسي، وجماعة، قالوا: اخبرنا عبد الله بن عمر، اخبرنا عبد الاول بن عيسى، اخبرنا ابو الحسن الداوودي، اخبرنا عبد الله بن احمد، اخبرنا عيسى بن عمر السمرقندي، اخبرنا عبد الله بن عبد الرحمن الحافظ، اخبرنا محمد بن كثير، فذكره بنحوه. اخرجه ابو عبد الرحمن النسائي، عن ابي داود، عن محمد بن كثير، واخرجه ابو عيسى في "جامعه" عن الحافظ عبد الله الدارمي، فوافقناهما بعلو. اخبرنا ابو القاسم عبد الرحمن بن عبد الحليم الفقيه بقراءتي، اخبرنا علي بن مختار، اخبرنا احمد بن محمد الحافظ، اخبرنا ابو بكر احمد بن علي الصوفي، اخبرنا علي بن احمد الرزاز، حدثنا احمد بن سلمان الفقيه، حدثنا ابو داود سليمان بن الاشعث، بالبصرة، حدثنا ابو توبة الربيع بن نافع، حدثنا عبيد الله بن عمرو، عن ايوب، عن ابن سيرين، عن ابي هريرة: ان النبي صلى الله عليه وسلم "نهى عن تلقي الجلب، فان تلقاه متلق فاشراه، فصاحب السلعة بالخيار اذا ورد السوق". هذا حديث صحيح غريب، واخرجه الترمذي من طريق عبيد الله ابن عمرو، وهو من افراده. وقع لنا عدة احاديث عالية لابي داود، وكتاب "الناسخ" له. وسكن البصرة بعد هلاك الخبيث طاغية الزنج، فنشر بها العلم، وكان يتردد الى بغداد. قال الخطيب ابو بكر: يقال: انه صنف كتابه "السنن" قديما، وعرضه على احمد بن حنبل، فاستجاده، واستحسنه. قال ابو عبيد: سمعت ابا داود يقول: رايت خالد بن خداش، ولم اسمع منه، ولم اسمع من يوسف الصفار، ولا من ابن الاصبهاني، ولا من عمرو بن حماد، والحديث رزق. قال ابو عبيد الاجري: وكان ابو داود لا يحدث عن ابن الحماني، ولا عن سويد، ولا عن ابن كاسب، ولا عن محمد بن حميد، ولا عن سفيان بن وكيع. وقال ابو بكر بن داسة: سمعت ابا داود يقول: كتبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس مئة الف حديث، انتخبت منها ما ضمنته هذا الكتاب يعني كتاب "السنن" ـ، جمعت فيه اربعة الاف حديث وثماني مئة حديث، ذكرت الصحيح، وما يشبهه ويقاربه، ويكفي الانسان لدينه من ذلك اربعة احاديث، احدها: قوله صلى الله عليه وسلم ـ: "الاعمال بالنيات". والثاني: "من حسن اسلام المرء تركه ما لا يعنيه". والثالث: قوله: "لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يرضى لاخيه ما يرضى لنفسه". والرابع: "الحلال بين".. الحديث. رواها الخطيب: حدثني ابو بكر محمد بن علي بن ابراهيم القاري الدينوري بلفظه: سمعت ابا الحسين محمد بن عبد الله بن الحسن الفرضي، سمع ابن داسة. قال ابو بكر الخلال: ابو داود الامام المقدم في زمانه، رجل لم يسبقه الى معرفته بتخريج العلوم، وبصره بمواضعه احد في زمانه، رجل ورع مقدم، سمع منه احمد بن حنبل حديثا واحدا، كان ابو داود يذكره. قلت: هو حديث ابي داود، عن محمد بن عمرو الرازي، عن عبد الرحمن بن قيس، عن حماد بن سلمة، عن ابي العشراء، عن ابيه: "ان النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن العتيرة، فحسنها". وهذا حديث منكر، تكلم في ابن قيس من اجله، وانما المحفوظ عند حماد بهذا السند حديث: "اما تكون الذكاة الا من اللبة". ثم قال الخلال: وكان ابراهيم الاصبهاني ابن اورمة، وابو بكر بن صدقة يرفعون من قدره، ويذكرونه بما لا يذكرون احدا في زمانه مثله. وقال احمد بن محمد بن ياسين: كان ابو داود احد حفاظ الاسلام لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلمه وعلله وسنده، في اعلى درجة النسك والعفاف، والصلاح والورع، من فرسان الحديث. وقال ابو بكر محمد بن اسحاق الصاغاني، وابراهيم الحربي: لما صنف ابو داود كتاب "السنن" الين لابي داود الحديث، كما الين لداود، عليه السلام، الحديد. الحاكم: سمعت الزبير بن عبد الله بن موسى، سمعت محمد بن مخلد يقول: كان ابو داود يفي بمذاكرة مئة الف حديث، ولما صنف كتاب "السنن"، وقراه على الناس، صار كتابه لاصحاب الحديث كالمصحف، يتبعونه ولا يخالفونه، واقر له اهل زمانه بالحفظ والتقدم فيه. وقال الحافظ موسى بن هارون: خلق ابو داود في الدنيا للحديث، وفي الاخرة للجنة. وقال علان بن عبد الصمد: سمعت ابا داود، وكان من فرسان الحديث. قال ابو حاتم بن حبان: ابو داود احد ائمة الدنيا فقها وعلما وحفظا ونسكا وورعا واتقانا جمع وصنف وذب عن السنن. قال الحافظ ابو عبد الله بن مندة: الذين خرجوا وميزوا الثابت من المعلول، والخطا من الصواب اربعة: البخاري، ومسلم، ثم ابو داود، والنسائي. وقال ابو عبد الله الحاكم: ابو داود امام اهل الحديث في عصره بلا مدافعة، سمع بمصر والحجاز، والشام والعراقين وخراسان. وقد كتب بخراسان قبل خروجه الى العراق، في بلده وهراة. وكتب ببغلان عن قتيبة، وبالري عن ابراهيم بن موسى، الا ان اعلى اسناده: القعنبي، ومسلم بن ابراهيم...وسمى جماعة. قال: وكان قد كتب قديما بنيسابور، ثم رحل بابنه ابي بكر الى خراسان. روى ابو عبيد الاجري، عن ابي داود، قال: دخلت الكوفة سنة احدى وعشرين، وما رايت بدمشق مثل ابي النضر الفراديسي، وكان كثير البكاء، كتبت عنه اثنتين وعشرين. قال القاضي الخليل بن احمد السجزي: سمعت احمد بن محمد بن الليث قاضي بلدنا يقول: جاء سهل بن عبد الله التستري الى ابي داود السجستاني، فقيل: يا ابا داود: هذا سهل بن عبد الله جاءك زائراـ فرحب به، واجلسه، فقال سهل: يا ابا داود! لي اليك حاجة. قال: وما هي؟ قال: حتى تقول: قد قضيتها مع الامكان. قال: نعم. قال: اخرج الي لسانك الذي تحدث به احاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى اقبله. فاخرج اليه لسانه فقبله. روى اسماعيل بن محمد الصفار، عن الصاغاني، قال: لين لابي داود السجستاني الحديث، كما لين لداود الحديد. وقال موسى بن هارون: ما رايت افضل من ابي داود. قال ابن داسة: سمعت ابا داود يقول: ذكرت في "السنن" الصحيح وما يقاربه، فان كان فيه وهن شديد بينته. (يتبع...) (تابع... 1): سليمان بن الاشعث بن شداد بن عمرو بن عامر. كذا اسماه عبد... ... قلت: فقد وفى رحمه الله بذلك بحسب اجتهاده، وبين ما ضعفه شديد، ووهنه غير محتمل، وكاسر عن ما ضعفه خفيف محتمل، فلا يلزم من سكوته الحالة هذه عن الحديث ان يكون حسنا عنده، ولا سيما اذا حكمنا على حد الحسن باصطلاحنا المولد الحادث، الذي هو في عرف السلف يعود الى قسم من اقسام الصحيح، الذي يجب العمل به عند جمهور العلماء، او الذي يرغب عنه ابو عبد الله البخاري، ويمشيه مسلم، وبالعكس، فهو داخل في اداني مراتب الصحة، فانه لو انحط عن ذلك لخرج عن الاحتجاج، ولبقي متجاذبا بين الضعف والحسن، فكتاب ابي داود اعلى ما فيه من الثابت ما اخرجه الشيخان، وذلك نحو من شطر الكتاب، ثم يليه ما اخرجه احد الشيخين، ورغب عنه الاخر، ثم يليه ما رغبا عنه، وكان اسناده جيدا، سالما من علة وشذوذ، ثم يليه ما كان اسناده صالحا، وقبله العلماء لمجيئه من وجهين لينين فصاعدا، يعضد كل اسناد منهما الاخر، ثم يليه ما ضعف اسناده لنقص حفظ راويه، فمثل هذا يمشيه ابو داود، ويسكت عنه غالبا، ثم يليه ما كان بين الضعف من جهة راويه، فهذا لا يسكت عنه، بل يوهنه غالبا، وقد يسكت عنه بحسب شهرته ونكارته، والله اعلم. قال الحافظ زكريا الساجي: كتاب الله اصل الاسلام، وكتاب ابي داود عهد الاسلام. قلت: كان ابو داود مع امامته في الحديث وفنونه من كبار الفقهاء، فكتابه يدل على ذلك، وهو من نجباء اصحاب الامام احمد، لازم مجلسه مدة، وساله عن دقاق المسائل في الفروع والاصول. روى الاعمش، عن ابراهيم، عن علقمة، قال: كان عبد الله بن مسعود يشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم في هديه ودله. وكان علقمة يشبه بعبد الله في ذلك. قال جرير بن عبد الحميد: وكان ابراهيم النخعي يشبه بعلقمة في ذلك، وكان منصور يشبه بابراهيم. وقيل: كان سفيان الثوري يشبه بمنصور، وكان وكيع يشبه بسفيان، وكان احمد يشبه بوكيع، وكان ابو داود يشبه باحمد. قال الخطابي: حدثني عبد الله بن محمد المسكي، حدثني ابو بكر بن جابر خادم ابي داود رحمه الله قال: كنت مع ابي داود ببغداد، فصلينا المغرب، فجاءه الامير ابو احمد الموفق يعني ولي العهد فدخل، ثم اقبل عليه ابو داود، فقال: ما جاء بالامير في مثل هذا الوقت؟ قال: خلال ثلاث. قال: وما هي؟ قال: تنتقل الى البصرة فتتخذها وطنا، ليرحل اليك طلبة العلم، فتعمر بك، فانها قد خربت، وانقطع عنها الناس، لما جرى عليها من محنة الزنج. فقال: هذه واحدة. قال: وتروي لاولادي "السنن". قال: نعم، هات الثالثة. قال: وتفرد لهم مجلسا، فان اولاد الخلفاء لا يقعدون مع العامة. قال: اما هذه فلا سبيل اليها، لان الناس في العلم سواء. قال ابن جابر: فكانوا يحضرون ويقعدون في كم حيري، عليه ستر، ويسمعون مع العامة. قال ابن داسة: كان لابي داود كم واسع وكم ضيق، فقيل له ذلك، فقال: الواسع للكتب، والاخر لا يحتاج اليه. قال ابو بكر بن ابي داود: سمعت ابي يقول: خير الكلام ما دخل الاذن بغير اذن. قال ابو عبيد الاجري: سمعت ابا داود يقول: الليث روى عن الزهري، وروى عن اربعة، عن الزهري، حدث عن: خالد بن يزيد، عن سعيد بن ابي هلال، عن ابراهيم بن سعد، عن صالح بن كيسان، عن الزهري. وسمعت ابا داود يقول: كان عمير بن هانىء قدريا، يسبح كل يوم مئة الف تسبيحة، قتل صبرا بداريا ايام يزيد بن الوليد، وكان يحرض عليه. قال ابو داود: مسلمة بن محمد حدثنا عنه مسدد، قال ابو عبيد: فقلت لابي داود: حدث عن هشام بن عروة، عن ابيه، عن عائشة: "اياكم والزنج، فانه خلق مشوه"؟ فقال: من حدث بهذا، فاتهمه. وقال ابو داود: يونس بن بكير ليس هو عندي حجة، هو والبكائي سمعا من ابن اسحاق بالري. قال الحاكم: سليمان بن الاشعث السجستاني مولده بسجستان، وله ولسلفه الى الان بها عقد واملاك واوقاف، خرج منها في طلب الحديث الى البصرة، فسكنها، واكثر بها السماع عن سليمان بن حرب، وابي النعمان، وابي الوليد، ثم دخل الى الشام ومصر، وانصرف الى العراق، ثم رحل بابنه ابي بكر الى بقية المشايخ، وجاء الى نيسابور، فسمع ابنه من اسحاق بن منصور، ثم خرج الى سجستان. وطالع بها اسبابه، وانصرف الى البصرة واستوطنها. وحدثنا محمد بن عبد الله الزاهد الاصبهاني، حدثنا ابو بكر بن ابي داود، حدثنا ابي، حدثنا محمد بن عمرو الرازي، حدثنا عبد الرحمن بن قيس، عن حماد بن سلمة، عن ابي العشراء الدارمي، عن ابيه: "ان النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن العتيرة، فحسنها". قيل: ان احمد كتب عن ابي هذا، فذكرت له، فقال: نعم. قلت: وكيف كان ذلك؟ فقال: ذكرنا يوما احاديث ابي العشراء، فقال احمد: لا اعرف له الا ثلاثة احاديث، ولم يرو عنه الا حماد حديث اللبة، وحديث: رايت على ابي العشراء عمامة. فذكرت لاحمد هذا، فقال: امله علي. ثم قال: لمحمد بن ابي سمينة عند ابي داود حديث غريب. فسالني، فكتبه عني محمد بن يحيى بن ابي سمينة. قال الحاكم: واخبرنا ابو حاتم بن حبان: سمعت ابن ابي داود، سمعت ابي يقول: ادركت من اهل الحديث من ادركت، لم يكن فيهم احفظ للحديث، ولا اكثر جمعا له من ابن معين، ولا اورع ولا اعرف بفقه الحديث من احمد، واعلمهم بعلله علي بن المديني، ورايت اسحاق على حفظه ومعرفته يقدم احمد بن حنبل، ويعترف له. وحدثني ابو عبد الله محمد بن اسحاق بن مندة، حدثني عبد الكريم بن النسائي، حدثني ابي، حدثنا ابو داود سليمان بن الاشعث بالبصرة، قال: سمع الزهري من ثلاثة عشر رجلا، من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ: انس، سهل، السائب، سنين ابي جميلة، محمود بن الربيع، رجل من بلي، ابن ابي صعير، ابو امامة بن سهل، وقالوا: ابن عمر؟ فقال: رايت ابن عمر سن على وجهه الماء سنا. وقالوا: ابراهيم بن عبد الرحمن بن عوف يذكر النبي صلى الله عليه وسلم يوم قبض، وعبد الرحمن بن ازهر. اخبرنا ابو الحسين علي بن محمد، واسماعيل بن عبد الرحمن، ومحمد بن بيان بقراءتي، اخبركم الحسن بن صباح، اخبرنا عبد الله بن رفاعة، اخبرنا علي بن الحسن القاضي، اخبرنا عبد الرحمن بن عمر النحاس، قال: حدثنا ابو سعيد احمد بن محمد بن الاعرابي، حدثنا ابو داود سليمان بن حرب، ومسدد، قالا: اخبرنا حماد، عن ثابت، عن ابي بردة، عن الاغر وكانت له صحبة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ: "انه ليغان على قلبي، واني لاستغفر الله في اليوم مئة مرة". اخرجه مسلم ايضا من حديث حماد هذا، وهو ابن زيد، واخرجه مسلم من حديث عمرو بن مرة، عن ابي بردة، عن الاغر بن يسار المزني، وقيل: الجهني، وما علمته روى شيئا سوى هذا الحديث. واخبرنا ابو سعيد الثغري، اخبرنا عبد اللطيف بن يوسف، اخبرنا عبد الحق، اخبرنا علي بن محمد، اخبرنا ابو الحسن الحمامي، اخبرنا ابن قانع، حدثنا علي بن محمد بن ابي الشوارب، حدثنا ابو الوليد، حدثنا شعبة، قال: عمرو بن مرة اخبرني، قال: سمعت ابا بردة يحدث عن رجل من جهينة، يقال له: الاغر، وكان من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم انه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "يا ايها الناس! توبوا الى ربكم، فاني اتوب الى الله في كل يوم مائة مرة". قال ابو داود في "سننه": شبرت قثاءة بمصر ثلاثة عشر شبرا، ورايت اترجة على بعير، وقد قطعت قطعتين، وعملت مثل عدلين. فاما سجستان، الاقليم الذي منه الامام ابو داود: فهو اقليم صغير منفرد، متاخم لاقليم السند، غربيه بلد هراة، وجنوبيه مفازة، بينه وبين اقليم فارس وكرمان، وشرقيه مفازة وبرية بينه وبين مكران، التي هي قاعدة السند، وتمام هذا الحد الشرقي بلاد الملتان، وشماليه اول الهند. فارض سجستان كثيرة النخل والرمل، وهي من الاقليم الثالث من السبعة، وقصبة سجستان هي: زرنج، وعرضها اثنتان وثلاثون درجة، وتطلق زرنج، على سجستان، ولها سور، وبها جامع عظيم، وعليها نهر كبير، وطولها من جزائر الخالدات تسع وثمانون درجة، والنسبة اليها ايضا: "سجزي"، وهكذا ينسب ابو عوانة الاسفراييني، ابا داود فيقول: السجزي، واليها ينسب مسند الوقت ابو الوقت السجزي. وقد قيل وليس بشيء ان ابا داود من سجستان قرية من اعمال البصرة، ذكره القاضي شمس الدين في "وفيات الاعيان"، فابو داود اول ما قدم من البلاد، دخل بغداد، وهو ابن ثمان عشرة سنة، وذلك قبل ان يرى البصرة، ثم ارتحل من بغداد الى البصرة. قال ابو عبيد الاجري: توفي ابو داود في سادس عشر شوال، سنة خمس وسبعين ومئتين. مؤلفاته: -1ـ كتاب السنن: وهو ثالث الكتب الستة في الحديث؛ وقلما تخلو مكتبة خطية منه: وسياتي الكلام عليه بالتفصيل، ـ وقد طبع مرات عديدة في القاهرة سنة 1280 هـ، وفي لكنو سنة 1840، 1877، 1888 ر، 1305 هـ، 1318 ر، وفي دلهي 1171 هـ، 1272 هـ، 1283، وفي حيدر اباد 1321 هـ، وعلى الهامش شرح الموطا للزرقاني في القاهرة 1310 هـ، 1320 هـ، وفي بيروت دار الكتاب العربي، وسنة 1388 هـ دار الحديث حمص مع شرحه للخطابي. -2ـ المسائل التي خالف عليها الامام احمد بن حنبل: وهذا الكتاب رواية ابي داود، وقد طبع. -3ـ اجابته على سؤالات الاجري. طبع. -4ـ رسالة في وصف تاليفه لكتاب السنن: طبع بتحقيق محمد زاهد الكوثري القاهرة 1369 هـ. -5ـ الزهد: -6ـ تسمية اخوة الذين روي عنهم الحديث. -7ـ كتاب المراسيل: طبع في القاهرة 1310 هـ، وفي بيروت دار القلم 1406 هـ مع ذكر الاساننيد، وفي دار المعرفة 1406 هـ. وهذا الكتاب قمنا بضبطه وفهرسته من جديد على نسخة جيدة مع اسانيدها لما وجدنا من الخلط والنقص في كل النسخ السابقة، وطبعتنا تزيد على السابقة كلها بنحو ثمانين حديثا. -8ـ كتاب في الرجال: مخطوط في الظاهرية. -9ـ كتاب القدر. -10ـ كتاب الناسخ: ذكره الذهبي في سير اعلام النبلاء 13/209، وابن حجر في التهذيب 4/170. -11ـ مسند مالك: ذكره ابن حجر في التهذيب 4/170. -12ـ كتاب اصحاب الشعبي: ذكره في السؤالات ص/181.
3 - - كتاب السنن واقوال الائمة فيه قال الحافظ ابو بكر الخطيب: كتاب السنن لابي داود كتاب شريف لم يصنف في علم الدين كتاب مثله وقد رزق القبول من كافة الناس وطبقات الفقهاء على اختلاف مذاهبهم وعليه معول اهل العراق ومصر وبلاد المغرب وكثير من اقطار الارض. فكان تصنيف علماء الحديث قبل ابي داود الجوامع والمسانيد ونحوها. فيجمع تلك الكتب الى ما فيها من السننن والاحكام اخبارا وقصصا ومواعظ وادبا. فاما السنن المحضة، فلم يقصد احد جمعها واستيفاءها على حسب ما اتفق لابي داود. كذلك حل هذا الكتاب عند ائمة الحديث وعلماء الاثر محل العجب، فضربت فيه اكباد الابل ودامت اليه الرحل. قال ابن الاعرابي: لو ان رجلا لم يكن عنده من العلم الا المصحف، ثم كتاب ابي داود لم يحتج معهما الى شيء من العلم. قال الخطابي: وهذا كما قال لا شك فيه، فقد جمع في كتابه هذا من الحديث في اصول العلم وامهات السنن واحكام الفقه ما لم يعلم متقدما سبقه اليه ولا متاخرا لحقه فيه. قال النووي في القطعة التي كتبها من شرح سنن ابي داود: ينبغي للمشاغل بالفقه وغيره الاعتبار بسنن ابي داود بمعرفته التامة فان معظم احاديث الاحكام التي يحتج بها فيه مع سهولة تناوله وتلخيص احاديثه وبراعة مصنفه واعتنائه بتهذيبه. وقال ابراهيم الحربي: لما صنف ابو داود كتاب السنن الين لابي داود الحديث كما الين لداود الحديد. انشد الحافظ ابو طاهر السلفي رحمه الله تعالى. نظم: لان الحديث وعلمه بكماله*.*لامام اهليه ابي داود مثل الذي لان الحديد وسبكه*.*لنبي اهل زمانه داود وله في مدحه نظم: اولى كتاب لذي فقه وذي نظر*.*ومن يكون من الاوزار في وزر ماقد تولى ابو داود محتسبا*.* تاليفه فاتى كالضوء في القمر لايستطيع عليه الطعن مبتدع*.*ولو تقطع من ضغن ومن ضجر فليس يوجد في الدننيا اصح ولا*.*اقوى من السنة الغراء والاثر وكل مافيه من قول النبي ومن*.*قول الصحابة اهل العلم والبصر يرويه عن ثقة عن مثله ثقة*.*عن مثله ثقة كالانجم الزهر وكان في نفسه فيما احق ولا*.*اشك فيه اماما عالي الخطر يدري الصحيح من الاثار يحفظه*.*ومن روى ذاك من انثى ومن ذكر محققا صادقا فيما يجيء به*.* قد شاع في البدو عنه ذا وفي الحضر والصدق للمرء في الدارين منقبة*.*ما فوقها ابدا فخر لمفتخر وحكى ابو عبد الله محمد بن اسحاق بن مندة الحافظ: ان شرط ابي داود والنسائي احاديث اقوام لم يجتمع على تركهم اذا صح الحديث باتصال السند من غير قطع والارسال. وقال الخطابي: كتاب ابي داود جامع لنوعي الصحيح والحسن. واما السقيم فعلى طبقات شرها الموضوع ثم المقلوب ثم المجهول، وكتاب ابي داود خلا منها بري من جملة وجهها. ويحكى عنه انه قال: ما ذكرت في كتابي حديثا اجتمع الناس على تركه. وقال في رسالته الى اهل مكة المكرمة: انكم سالتموني ان اذكر لكم الاحاديث التي في كتاب السنن اهي اصح ما عرفت في الباب وقفت على جميع ماذكرتم، فاعلموا انه كذلك كله الا ان يكون قد روي من وجهين، احدهما اقوى اسنادا والاخر صاحبه اقدم في الحفظ. فربما كتبت ذلك واذا عدت الحديث في الباب من وجهين او ثلاثة مع زيادة كلام فيه، وربما فيه كلمة زائدة على الحديث الطويل لاني لو كتبته بطوله لم يعلم بعض من سمعه ولا يفهم موضع الفقه منه فاختصرته لذلك. اما المراسيل فقد كان يحتج بها العلماء فيما مضى مثل سفيان الثوري ومالك والاوزاعي حتى جاء الشافعي، فتكلم فيه وتابعه على ذلك احمد بن حنبل وغيره، فاذا لم يكن مسند غير المراسيل ولم يوجد المرسل يحتج به وليس هو مثل المتصل في القوة، وليس في كتاب السنن الذي صنفته عن رجل متروك الحديث شيء. واذا كان فيه حديث منكر بينته انه منكر وليس على نحوه في الباب غيره. وما كان في كتابي من حديث فيه وهن شديد فقد بينته. ومنه ما لا يصح سنده وما لم اذكره فيه شيئا فهو صالح وبعضها اصح من بعض وهو كتاب لا يرد عليك سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم الا وهو فيه الا ان يكون كلام استخرج من الحديث ولا يكاد يكون هذا ولا اعلم شيئا بعد القران الزم للناس ان يتعلموا من هذا الكتاب ولا يضر رجلا ان لا يكتب من العلم بعد ما يكتب هذا الكتاب شيئا. واذا نظر فيه وتدبره وتفهمه حينئذ يعم مقداره. واما هذه المسائل مسائل الثوري ومالك والشافعي، فهذه الاحاديث اصولها ويعجبني ان يكتب الرجل مع هذه الكتب من راى اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ويكتب ايضا مثل جامع سفيان الثوري فانه احسن ما وضع الناس من الجوامع والاحاديث التي وضعتها في كتاب السنن اكثرها مشاهير وهو عند كل من كتب شيئا من الحديث الا ان تمييزها لا يقدر عليه كل الناس والفخر بها انها مشاهير فانه لا يحتج بحديث غريب ولو كان من رواية مالك ويحيى بن سعيد والثقات من ائمة العلم ولو احتج رجل بحديث غريب وحديث من يطعن فيه لا يحتج بالحديث الذي قد احتج به اذا كان الحديث غريبا شاذا. فاما الحديث المشهور المتصل الصحيح فليس يقدر ان يرده عليك احد. قال ابراهيم النخعي: كانوا يكرهون الغريب من الحديث. وقال يزيد بن حبيب: اذا سمعت الحديث فانشده كما تنشد الضالة فان عرف والا فدعه. وان من الاحاديث في كتاب السنن ما ليس بمتصل وهو مرسل ومتواتر اذا لم توجد الصحاح عند عامة اهل الحديث على معنى انه متصل وهو مثل الحسن عن جابر والحسن عن ابي هريرة والحكم عن مقسم عن ابن عباس وليس بمتصل وسماع الحكم عن المقسم اربعة احاديث. واما ابو اسحاق عن الحارث عن علي فلم يسمع ابو اسحاق عن الحارث الا اربعة احاديث ليس فيها مسند واحد، وما في كتاب السنن من هذا النحو فقليل. ولعل ليس في كتاب السنن للحارث الاعور الا حديث واحد. وانما كتبته باخرة. وربما كان في الحديث ما لم يثبت صحة الحديث منه انه كان يخفى ذلك علي فربما تركت الحديث اذا لم افقه، وربما كتبته اذا لم اقف عليه، وربما اتوقف عن مثل هذه لانه ضرر على العامة ان يكشف لهم. كلما كان من هذا الباب فيما مضى من عيون الحديث لان علم العامة يقصر عن مثل هذا وعدد كتبي في هذه السنن ثمانية عشر جزءا مع المراسيل، منها جزء واحد مراسيل وما يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم من المراسيل منها ما لا يصح، ومنها ما يسند عند غيره وهو متصل صحيح ولعل عدد الاحاديث التي في كتبي من الاحاديث قدر اربعة الاف حديث وثماني مائة حديث ونحو ستمائة حديث من المراسيل، فمن احب ان يميز هذه الاحاديث مع الالفاظ فربما يجيء الحديث من طريق وهو عند العامة من حديث الائمة الذين هم مشهورون غير انه ربما طلب اللفظة التي تكون لها معان كثيرة. وممن عرفت وقد نقل من جميع هذه الكتب ممن عرفت، فربما يجيء الاسناد فيعلم من حديث غيره انه متصل ولا يتنبه السامع الا بان يعلم الاحاديث فيكون له معرفة فيقف عليه مثل ما يروى عن ابن جريج قال: اخبرت عن الزهري ويرويه البرساني عن ابن جريج عن الزهري فالذي يسمع يظن انه متصل ولا يصح بينهم. وانما تركنا ذلك لان اصل الحديث غير متصل وهو حديث معلول ومثل هذا كثير والذي لا يعلم يقول: قد تركت حديثا صحيحا من هذا وجاء بحديث معلول. وانما لم اصنف في كتاب السنن الا الاحكام ولم اصنف في الزهد وفضائل الاعمال وغيرها. فهذه اربعة الاف وثمانمائة كلها في الاحكام. فاما احاديث كثيرة صحاح من الزهد والفضائل وغيرها في غير هذا لم اخرجها. انتهى ملخصا. وقال ابن الاعرابي: ان حصل لاحد علم كتاب الله وسنن ابي داود يكفيه ذلك في مقدمات الدين، ولهذا مثلوا في كتب الاصول لبضاعة الاجتهاد في علم الحديث سنن ابي داود؛ وهو لما جمع كتاب السنن قديما عرضه على الامام احمد بن حنبل فاستجاده واستحسنه.
4 - - رواة كتاب السنن لابي داود عنه قال في كشف الظنون بعد ان عدد شروح سنن ابي داود: "قال ابن كثير في مختصر علوم الحديث: ان الروايات لسنن ابي داود كثيرة، يوجد في بعضها ما ليس في الاخرى". وقال الجلال السيوطي في التدريب شرح التقريب للنووي 1/170: "عدة احاديث كتاب ابي داود اربعة الاف وثمانمائة حديث، وهو روايات اتمها رواية ابي بكر بن داسة والمتصلة الان بالسماع رواية ابي علي اللؤلؤي". وقال الشاه عبد العزيز الدهلوي: رواية اللؤلؤي مشهورة في المشرق، ورواية ابن داسة مروجة في المغرب واحدهما يقارب الاخر، وانما الاختلاف بينهما بالتقديم والتاخير دون الزيادة والنقصان بخلاف رواية ابن الاعرابي فان نقصانها بين بالنسبة الى هاتين النسختين. ا هـ. وقال الحافظ ابو جعفر بن الزبير في برنامجه: روي هذا الكتاب عن ابي داود ممن اتصلت اسانيدها به اربعة رجال: -1ـ ابو بكر بن محمد بن عبد الرزاق التمار البصري المعروف (توفي سنة 346 هـ) بابن داسة بفتح السين وتخفيفها، نص عليه القاضي ابو محمد بن حوطة الله، والفيته في اصل القاضي ابي الفضل عياض بن موسى اليحصبي المالكي في كتاب الغنية مشددا، وكذا وجدته في بعضها ما قيدته عن شيخنا ابي الحسن الغافقي شكلا من غير تنصيص. -2ـ وابو سعيد، احمد بن محمد بن زياد بن بشر المعروف بابن الاعرابي (ت: 340 هـ). -3ـ وابو علي محمد بن احمد بن عمرو اللؤلؤي البصري. (ت: 333 هـ). -4ـ وابو عيسى اسحاق بن موسى بن سعيد الرملي (توفي سنة 320 هـ) وراق ابي داود. ولم يتشعب طرقه كما اتفق في الصحيحين الا ان رواية ابن الاعرابي يسقط منها كتاب الفتن والملاحم والحروف والخاتم ونحو النصف من كتاب اللباس وفاته ايضا من كتاب الوضوء والصلاة والنكاح اوراق كثيرة. ورواية ابن داسة اكمل الروايات، ورواية الرملي تقاربها؛ ورواية اللؤلؤي من اصح الروايات لانها من اخر ما املى ابو داود وعليها مات. ا هـ. قلت: وروى ايضا السنن عنه ولكن شهرتهم دون الاربعة المذكورين وهم: -5ـ ابو الحسن، علي بن محمد بن العبد الانصاري. -6ـ ابو اسامة، محمد بن عبد الملك بن يزيد الرواس. -7ـ ابو عمرو احمد بن علي بن حسن البصري. -8ـ ابو الطيب احمد بن ابراهيم بن عبد الرحمن بن الاشناني البغدادي. وقال ابو عمر الهاشمي: كان ابو علي اللؤلؤي قد قرا كتاب السنن على ابي داود عشرين سنة وكان يدعى وراق ابي داود، والوراق في لغة اهل البصرة القارىء للناس، قال: والزيادات التي في رواية ابن داسة حذفها ابو داود اخرا لامر رابه في الاسناد. وقال الذهبي في السير في اثناء ترجمة ابن داسة: وهو اخر من حدث بالسنن كاملا عن ابي داود.
5 - - شرط الامام ابي داود واما (ابو داود) فمن بعده فان كتبهم تنقسم على ثلاثة اقسام: (القسم الاول) صحيح وهو الجنس المخرج في هذين الكتابين للبخاري ومسلم فان اكثر ما في هذه الكتب مخرج في هذين الكتابين، والكلام عليه كالكلام على الصحيحين فيما اتفقا عليه واختلفا فيه. (القسم الثاني) صحيح على شرطهم. حكى ابو عبد الله بن منده ان شرط ابي داود والنسائي اخراج احاديث اقوام لم يجمع على تركهم اذا صح الحديث باتصال الاسناد من غير قطع ولا غرسال ويكون هذا القسم من الصحيح فان البخاري قال احفظ مائتي الف حديث صحيح ومائتي الف حديث غير صحيح، ومسلم قال اخرجت المسند الصحيح من ثلاثمائة الف حديث مسموع. ثم انا رايناهما اخرجا في كتابيهما ما اتفقا عليه وما انفردا به ما يقارب عشرة الاف تزيد او تنقص فعلمنا انه قد بقي من الصحيح الكثير الا ان طريقه لا يكون كطريق ما اخرجاه في هذين الكتابين فما اخرجوه مما انفردوا به دونهما فانه من جملة ما تركه البخاري ومسلم من جملة الصحيح. (والقسم الثالث) احاديث اخرجوها للضدية في الباب المتقدم واوردوها لا قطعا منهم بصحتها وربما ابان المخرج لها عن علتها بما يفهمه اهل المعرفة. فان قيل لم اودعوها كتبهم ولم تصح عندهم؟ فالجواب من ثلاثة اوجه: (احدها) رواية قوم لها واحتجاجهم بها فاوردوها وبينوا سقمها لتزول الشبهة. و (الثاني) انهم لم يشترطوا ما ترجمه البخاري ومسلم رضي الله عنهما على ظهر كتابيهما من التسمية بالصحة فان البخاري قال ما اخرجت في كتابي الا ما صح وتركت من الصحاح لحال الطول. ومسلم قال ليس كل حديث صحيح اودعته هذا الكتاب وانما اخرجت ما اجمعوا عليه، ومن بعدهم لم يقولوا ذلك فانهم كانوا يخرجون الشيء وضده. و (الثالث) ان يقال لقائل هذا الكلام راينا الفقهاء وسائر العلماء يوردون ادلة الخصم في كتبهم مع علمهم ان ذلك ليس بدليل فكان فعلهما هذا كفعل الفقهاء والله اعلم. ...واما ابو داود ومن بعده فهم متقاربون في شروطهم فلنقتصر على حكاية قول واحد منهم والباقون مثله: انبانا ابو العلاء محمد بن جعفر بن عقيل البصري عن كتاب ابي الحسين المبارك بن عبد الجبار انبانا ابو عبد الله محمد بن علي الحافظ سمعت ابا الحسين محمد بن احمد الغساني يقول سمعت ابا بكر محمد بن عبد العزيز الهاشمي يقول سمعت ابا داود في رسالته التي كتبها الى اهل مكة وغيرها جوابا لهم: سالتم ان اذكر لكم الاحاديث التي في كتاب السنن اهي اصح ما عرفت في هذا الباب فاعلموا انه كذلك كله الا ان يكون قد روي من وجهين صحيحين واحدهما اقدم اسنادا والاخر صاحبه اقوم في الحفظ فربما كتبت ذلك. ولا ارى في كتابي من هذا عشرة احاديث، ولم اكتب في الباب الا حديثا واحدا او حديثين وان كان في الباب احاديث صحاح فانه يكبر وانما اردت قرب منفعته، وليس في كتاب السنن الذي صنفته عن رجل متروك الحديث شيء (قال الحافظ ابن رجب في شرح علل الترمذي" اعلم ان الترمذي خرج في كتابه الحديث الصحيح والحديث الحسن وهو ما نزل عن درجة الصحيح وكان فيه بعض ضعف والحديث الغريب، والغرائب التي خرجها فيها بعض المناكير ولا سيما في كتاب الفضائل، ولكنه يبين ذلك غالبا ولا يسكت عنه، ولا اعلم انه خرج عن متهم بالكذب متفق على اتهامه حديثا باسناد منفرد، الا انه قد يخرج حديثا مرويا من طرق او مختلفا في اسناده وفي بعض طرقه متهم، وعلى هذا الوجه خرج حديث محمد بن سعيد المصلوب ومحمد بن السائب الكلبي، نعم قد يخرج عن سيىء الحفظ وعمن غلب على حديثه الوهم ويبين ذلك غالبا ولا يسكت عنه، وقد شاركه ابو داود في التخريج عن كثير من هذه الطبقة مع السكوت على حديثهم كاسحاق بن ابي فروة وغيره، وقد قال ابو داود في رسالته الى اهل مكة: ليس في كتاب السنن الذي صنفته من متروك الحديث شيء واذا كان فيه حديث منكر يبين انه منكر، ومراده انه لم يخرج لمتروك الحديث عنده على ما ظهر له او لمتروك متفق على تركه فانه قد خرج لمن قد قيل فيه انه متروك ولمن قد قيل فيه انه متهم بالكذب، وقد كان احمد بن صالح المصري وغيره لا يتركون الا حديث من اجمع على ترك حديثه وحكى مثله عن النسائي، والترمذي يخرج حديث الثقة الضابط ومن يهم قليلا ومن يهم كثيرا، ومن يغلب عليه الوهم يخرج حديثه قليلا ويبين ذلك ولا يسكت عنه، وقد خرج، حديث كثير بن عبد الله المزني ولم يجمع على ترك حديثه بل قد قواه قوم وقدم بعضهم حديثه على مرسل ابن المسيب. وحكى الترمذي في العلل عن البخاري انه قال في حديثه في تكبير صلاة العيدين هو اصح حديث في هذا الباب قال وانا اذهب اليه، وابو داود قريب من الترمذي في هذا بل اشبه انتقادا للرجال منه، واما النسائي فشرطه اشد من ذلك ولا يكاد يخرج لمن يغلب عليه الوهم ولا لمن فحش خطاه وكثر، واما مسلم فلا يخرج الا حديث الثقة الضابط ومن في حفظه بعض شيء وتكلم فيه بحفظه لكنه يتحرى في التخريج عنه، ولا يخرج عنه الى ما لا يقال انه وهم فيه، واما البخاري فشرطه اشد من ذلك وهو ان لا يخرج الا للثقة الضابط ولمن ندر وهمه، وان كان قد اعترض عليه في بعض من خرج عنه. انتهى بحروفه) فان ذكر لك عن النبي صلى الله عليه وسلم سنة ليس فيما خرجته فاعلم انه حديث واه الا ان يكون في كتابي من طريق اخر فاني لم اخرج الطرق لانه يكثر على المتعلم، ولا اعرف احدا جمع على الاستقصاء غيري. وذكر باقي الرسالة. وقد رويا عن ابي بكر بن داسة انه قال سمعت ابا داود يقول: كتبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسمائة الف حديث انتخبت منها ما ضمنت هذا الكتاب، جمعت فيه اربعة الاف حديث وثمانمائة حديث، ذكرت الصحيح وما يشبهه وما يقاربه. وذكر تمام الكلام. ا هـ.
6 - - ابو داود جرحه وتعديله للرواة ان علم الجرح والتعديل من اصعب علوم الحديث، فلا يقدم على الخوض فيه الا من اتصف بسعة الاطلاع في الاخبار المروية ورواتها، عارفا باحوال الرواة وطرق مروياتهم، الى غير ذلك مما لا بد منه في هذا الفن ومن اولئك الجهابذة النقاد امامنا ابو داود السجستاني فقد ذكره السبكي والسخاوي اثناء ذكرهما لطبقات النقاد في الطبقة التي تلي طبقة الامام احمد. وقد شهد الائمة لابي داود بامامة عصره في الحفظ والاتقان، ومعرفة علل الحديث، والتبصر باحوال الرواة، وها هو يسئل عن الائمة الكبار، ساله الاجري قائلا: ايهما اعلم بالرجال يحيى او علي؟ فقال: يحيى اعلم بالرجال وليس عند علي من خبر اهل الشام شيء. فكان رحمه الله عالما بالمتون والاسانيد، ومن يطلع على ما الفه في احوال الرواة يظهر له الامر جليا، وقول ابن المديني يشهد لواقع ابي داود حيث قال: معرفة الرجال نصف العلم ومعرفة فقه الحديث نصف العلم. منهج ابي داود في النقد: اتبع النقاد في نقدهم لرواة الحديث مناهج متعددة تمكنوا بواسطتها الكشف عن احوال الرواة، والوقوف على صحيح مروياتهم من سقيمها، وقد شارك ابو داود رحمه الله بنصيب كبير في تحديد المنهج النقدي عند المحدثين، ويمكن تلخيص منهجه في النقاط التالية: -1ـ النزاهة العلمية: تمتع ابو داود بنزاهة علمية رفيعة ولا غرابة، فما يصدر حكما على راو الا لتحديد موقف الناس منه ببيان حقيقة امره، فلا مجال لهوى يتبع، فلا يذكر الراوي الا بما فيه ان خيرا فخير، وان شرا فشر، لا فرق في ذلك بين قريب وبعيد، ولم يكن يقتصر على ذكر جانب السوء في الراوي فحسب او العكس، بل كان يذكر فيه ما يحمد او يذم من اجله. ساله الاجري عن يونس بن خباب ووصفه بانه شتام للصحابة، لكنه اردف قائلا: وليس في حديثه نكارة. -2-ـ الامانة العلمية: كان ابو داود امينا صادقا في حكمه على الرواة، فلا يصدر حكما الا بما يعلم، واذا لم يجد من علمه ما يمكنه ان يصدر حكمه احال على غيره من شيوخه، وكم من مسئلة سئل فيها فقال: لا ادري. ساله الاجري عن عرفجة العمي فقال: لا اعرفه. وعن سالم المرادي فقال: ليس لي به علم. وعن العلاء بن خالد فقال: ما عندي من علمه شيء. وسئل هل سمع عبد الرحمن بن ابي ليلى من عمر رضي الله عنه فقال: قد روى ولا ادري يصح ام لا، وقد رايت من يدفعه. ولا بد لي ان اذكر ان في هذا الفن نصحا للامة، وتبيانا للحق، وليس غيبة كما عده بعض ضعاف الافهام، فهؤلاء العلماء النقاد اظهروا من هم اهلا للرواية ممن ليسوا باهل لها، ولم يخشوا في قول الحق احدا. ذكر ابن مبارك رجلا فقال: يكذب، فقيل: يا ابا عبد الرحمن تغتاب؟ قال: اسكت، اذا لم نبين كيف يعرف الحق من الباطل؟ وقال ابن علية في الجرح: هذا امانة وليس بغيبة. وهذا ابو داود يقضي بان ابن معين اعلم في الرجال من ابن المديني قائلا: يحيى اعلم بالرجال وليس عند علي من علم اهل الشام شيء. ساله الاجري عن الحسن بن ذكوان قائلا: زعم قوم انه كان فاضلا، فقال: ما بلغني عنه فضل. وقال محمد بن رجاء البصري: قلت لابي داود: لم ارك حدثت عن الرمادي (هو ابو بكر احمد بن منصور الرمادي المتوفى سنة 265 هـ)؟ قال: رايته يصحب الواقفة (هم الذين توقفوا عن القول بخلق القران او عدمه) فلم احدث عنه. -3ـ عدم قبول الجرح الا مفسرا: شارك ابو داود كثيرا من النقاد بهذا الراي، وهذا بالطبع فيمن تعارض فيه الجرح والتعديل. قال الخطيب: وهو مذهب حفاظ الحديث ونقاده مثل محمد بن اسماعيل البخاري ومسلم، فالبخاري احتج بجماعة سبق من غيره الطعن فيهم، وهكذا فعل مسلم بن الحجاج، وسلك ابو داود هذه الطريق وغير واحد من بعده فدل ذلك على انهم ذهبوا الى ان الجرح لا يثبت الا اذا فسر سببه، وذكر موجبه. وقد سلك النقاد مذاهب عدة، وربما جرح بعضهم من لا يستحق الجرح او جرح بما لا يكون جرحا عند غيره، ولهذا فقد كان ابو داود يخرج حديث من ضعف بالجملة. قال المنذري في مختصر السنن في حكايته عن ابن مندة انه قال: ان شرط ابي داود اخراج حديث قوم لم يجمع على تركهم اذا صح الحديث باتصال الاسناد من غير قطع ولا ارسال، ولهذا فقد ذهب الى توثيق العوام بن حمزة والذي ضعفه شيخه ابن معين فقال: لم نر له حديثا منكرا اي يستوجب ضعفه، وهكذا قال في نوح بن قيس: ثقة بلغني ان يحيى ضعفه، اي بدون حجة. بسم الله الرحمن الرحيم اخبرنا الامام الحافظ ابو بكر احمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي، قال: انا الامام القاضي ابو عمرو القاسم بن جعفر بن عبد الواحد الهاشمي قال: حدثنا ابو علي محمد بن احمد بن عمرو اللؤلؤي، حدثنا ابو داود سليمان بن الاشعث السجستاني، في المحرم سنة خمس وسبعين ومائتين، قال:
7 143 ابواب 1- كتاب الطهارة
8 343 ابواب 2ـ كتاب الصلاة
9 42 ابواب كتاب سجود القران (المعجم)
10 47 ابواب 3ـ كتاب الزكاة
11 1 ابواب 4ـ كتاب اللقطة
12 99 ابواب 5ـ كتاب المناسك
13 51 ابواب 6ـ كتاب النكاح
14 51 ابواب 7ـ كتاب الطلاق
15 82 ابواب 8ـ كتاب الصيام [قوله عزوجل: كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم]