الاذكار النووية مقدمة المؤلف

الاذكار النووية

مقدمة المؤلف

متسلسل العدد النوع العنوان الوصف
1 - - مقدمة المؤلف بسم الله الرحمن الرحيم {فاذكروني اذكركم واشكروا لي ولا تكفرون} [البقرة:152] الحمد لله الواحد القهار، العزيز الغفار، مقدر الاقدار، مصرف الامور، مكور الليل (1) على النهار، تبصرة لاولي القلوب والابصار، الذي ايقظ من خلقه ومن اصطفاه فادخله في جملة الاخيار، ووفق من اجتباه من عبيده فجعله من المقربين الابرار، وبصر من احبه فزهدهم (2) في هذه الدار، فاجتهدوا في مرضاته والتاهب لدار القرار، واجتناب ما يسخطه والحذر من عذاب النار، واخذوا انفسهم بالجد في طاعته وملازمة ذكره بالعشي والابكار، وعند تغاير الاحوال وجميع اناء الليل والنهار، فاستنارت قلوبهم بلوامع الانوار، احمده ابلغ الحمد على جميع نعمه، واساله المزيد من فضله وكرمه. واشهد ان لا اله الا الله العظيم، الواحد الصمد العزيز الحكيم؛ واشهد ان محمدا عبده ورسوله، وصفيه وحبيبه وخليله، افضل المخلوقين، واكرم السابقين واللاحقين، صلوات الله وسلامه عليه وعلى سائر النبيين، وال كل وسائر الصالحين. اما بعد: فقد قال الله العظيم العزيز الحكيم: {فاذكروني اذكركم} [البقرة:152] وقال تعالى: {وما خلقت الجن والانس الا ليعدون} [الذاريات:56] فعلم بهذا ا من افضل ـ او افضل ـ حال العبد، حال ذكره رب العالمين، واشتغاله بالاذكار الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد المرسلين. وقد صنف العلماء رضي اللهع عنهم في عمل اليوم والليلة والدعوات والاذكار كتبا كثيرة معلومة عند العارفين، ولكنها مطولة بالاسانيد والتكرير، فضعفت عنها همم الطالبين، فقصدت تسهيل ذلك على الراغبين، فشرعت في جمع هذا الكتاب مختصرا مقاصد ما ذكرته تقريبا للمعتنين، واحذف الاسانيد في معظمه لما ذكرته من ايثار الاختصار، ولكونه موضوعا للمتعبدين، وليسوا الى معرفة الاسانيد (3) متطلعين، بل يكرهونه وان قصر الا الاقلين، ولان المقصود به معرفة الاذكار والعمل بها، وايضاح مظانها للمسترشدين، واذكر ان شاء الله تعالى بدلا من الاسانيد ما هو اهم منها مما يخل به غالبا، وهو بيان صحيح (4) الاحاديث وحسنها وضعيفها ومنكرها، فانه مما يفتقر الى معرفته جميع الناس الا النادر من المحدثين، وهذا اهم ما يجب الاعتناء به، وما يحققه الطالب من جهة الحفاظ المتقنين، والائمة الحذاق المعتمدين، واضم اليه ان شاء الله الكريم جملا من النفائس من علم الحديث، ودقائق الفقه، ومهمات القواعد، ورياضات النفوس، والاداب التي تتاكد معرفتها على السالكين. واذكر جميع ما اذكره موضحا بحيث يسهل فهمه على العوام والمتفقهين. وقد روينا في صحيح مسلم (5) ، عن ابي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: %"من دعا الى هدى كان له من الاجر مثل اجور من تبعه لا ينقص ذلك من اجورهم شيئا". فاردت مساعدة اهل الخير بتسهيل طريقه والاشارة اليه، وايضاح سلوكه والدلالة عليه، واذكر في اول الكتاب فصولا مهمة يحتاج اليها صاحب هذا الكتاب وغيره من المعتنين، واذا كان في الصحابة من ليس مشهورا عند من لا يعتني بالعمل نبهت عليه فقلت: روينا عن فلان الصحابي، لئلا يشك قي صحبته. واقتصر في هذا الكتاب على الاحاديث التي في الكتب المشهورة التي هي اصول الاسلام وهي خمسة: صحيح البخاري، وصحيح مسلم، وسنن ابي داود، والترمذي، والنسائي. وقد اروي يسيرا من الكتب المشهورة غيرها. واما الاجزاء والمسانيد فلست انقل منها شيئا الا في نادر من المواطن، ولا اذكر من الاصول المشهورة ايضا من الضعيف الا النادر مع بيان ضعفه، وانما اذكر فيه الصحيح (6) غالبا، فلهذا ارجو ان يكون هذا الكتاب اصلا معتمدا. ثم لا اذكر في الباب من الاحاديث الا ما كانت دلالته ظاهرة في المسالة. والله الكريم اسال التوفيق والانابة والاعانة والهداية والصيانة، وتيسير ما اقصده من الخيرات، والدوام على انواع المكرمات، والجمع بيني وبين احبابي في دار كرامته وسائر وجوه المسرات. وحسبي الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة الا بالله العزيز الحكيم، ما شاء الله لا قوة الا بالله، توكلت على الله، اعتصمت بالله، استعنت بالله، وفوضت امري الى الله، واستودعت الله ديني ونفسي ووالدي واخواني واحبائي وسائر من احسن الي وجميع المسلمين وجميع ما انعم به علي وعليهم من امور الاخرة والدنيا، فانه سبحانه اذا استودع شيئا حفظه ونعم الحفيظ. (1) "مكور الليل..": وهو مقتبس من الاية الكريمة: {يكور الليل على النهار}[الزمر:5] ومعناها: يلف الليل على النهار لف اللباس على اللابس فيستره، فتظهر الظلمة. وفي تفسير الواحدي: يكور الليل على النهار: يدخل هذا على هذا، والتكوير: هو طرح الشيء بعضه على بعض. (2) في "ب": "فزهده..". (3) "الاسانيد": جمع اسناد، وهو الاخبار عن طريق المتن، والسند رجاله، وقيلب هما بمعنى. (4) " صحيح الاحاديث" قال ابن علان ـ رحمه الله تعالى ـ ما خلاصته: "الصحيح في الاصل من اوصاف الاجسام، ثم جعل وصفا للحديث. ثم هو قسمان: صحيح لذاته، وهو ما اتصل سنده برواية العدل الضابط عن مثله الى منتهاه من غير شذوذ ولا علة قادحة. وصحيح لغيره، وهو ما كان راويه دون ذلك في الضبط والاتقان، فيكون حديثه في مرتبة الحسن، فيرتقي بعدد طرقه الى الصحة، ويقال له: صحيح لغيره. والحسن قسمان كذلك: حسن لذاته، وهو الذي عرفه الخطابي بقوله: ان يكون راويه مشهورا بالصدق والامانة، لكن لم يبلغ درجة الصحيح؛ لقصور راويه عن رواة الصحيح في الحفظ والاتقان، وهو مرتفع عن حال من يعد تفرده منكرا. وحسن لغيره، وهو الذي عرفه الترمذي بقوله: ان لا يخلو الاسناد من مستور لم تتحقق اهليته، وليس مغفلا كثير الخطا فيما يرويه، ولا هو متهم بالكذب في الحديث، ولا ظهر منه سبب اخر مفسق، ويكون الحديث معروفا برواية مثله او نحوه، من وجه اخر، ولا بد للحكم بحسن الحديث مطلقا سلامته من العلة القادحة والشذوذ. والضعيف ما فقد فيه شرط من شروط القبول الشاملة للصحيح والحسن من الاتصال والعدالة والضبط وعدم الشذوذ والعلة القادحة، وهو انواع منها الشاذ والمنكر.." الفتوحات الربانية 1/23ـ24. (5) مسلم (2674) ، وابو داود (4609) ، والترمذي (2676) ، والموطا 1/218. (6) قال ابن علان = "قوله الصحيح" المراد منه ما يشمل الصحيح لغيره، بل والحسن، فيراد من الصحيح المقبول، وقد اطلق كثير عليه الصحيح. [فصل]: في الامر بالاخلاص وحسن النيات في جميع الاعمال الظاهرات والخفيات. قال الله تعالى: {وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء} [البينة:5] وقال تعالى: {لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم}[الحج:37] قال ابن عباس رضي الله عنهما: معناه ولكن يناله النيات. اخبرنا شيخنا الامام الحافظ ابو البقاء خالد بن يوسف بن الحسن بن سعد بن الحسن بن المفرج بن بكار المقدسي النابلسي ثم الدمشقي رضي الله عنه، اخبرنا ابو اليمن الكندي، اخبرنا محمد بن عبد الباقي الانصاري، اخبرنا ابو محمد الحسن بن علي الجوهري، اخبرنا ابو الحسين محمد بن المظفر الحافظ، اخبرنا ابو بكر محمد بن محمد بن سليمان الواسطي، حدثنا ابو نعيم عبيد بن هشام الحلبي، حدثنا ابن المبارك، عن يحيى بن سعيد ـ هو الانصاري ـ عن محمد بن ابراهيم التيمي، عن علقمة بن وقاص الليثي، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: %"انما الاعمال بالنيات وانما لكل امرىء ما نوى، فمن كانت هجرته الى الله ورسوله فهجرته الى الله ورسوله، ومن كانت هجرته الى دنيا يصيبها او امراة ينكحها فهجرته الى ما هاجر اليه". هذا حديث متفق (1) على صحته، مجمع على عظم موقعه وجلالته، وهو احد الاحاديث التي عليها مدار الاسلام؛ وكان السلف وتابعوهم من الخلف رحمهم الله تعاالى يستحبون استفتاح المصنفات بهذا الحديث، تنبيها للمطالع (2) على حسن النية، واهتمامه بذلك والاعتناء به. روينا عن الامام ابي سعيد عبد الرحمن بن مهدي رحمه الله تعالى: منن اراد ان يصنف كتابا فليبدا بهذا الحديث. وقال الامام ابو سليمان الخطابي رحمه الله: كان المتقدمون من شيوخنا يستحبون تقديم حديث الاعمال بالنية امام كل شيء ينشا ويبتدا من امور الدين لعموم الحاجة اليه في جميع انواعها. وبلغنا عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال: انما يحفظك الرجل على قدر يته. وقال غيره: انما يعطى الناس على قدر نياتهم. وروينا عن السيد (3) الجليل ابي علي الفضيل بن عياض رضي الله عنه قال: ترك العمل لاجل الناس رياء، والعمل لاجل الناس شرك، والاخلاص ان يعافيك الله منهما. وقال الامام الحارث المحاسبي رحمه الله: الصادق هو الذي لا يبالي لو خرج كل قدر له في قلوب الخلق من اجل صلاح قلبه، ولا يحب اطلاع الناس على مثاقيل الذر من حس عمله ولا يكره ان يطلعض الناس على السيء من عمله. وعن حذيفة المرعشي رحمه الله قال: الاخلاص ان تستوي افعال العبد في الظاهر والباطن. وروينا عن الامام الاستاذ ابي القاسم القشيري رحمه الله قال: الاخلاص افراد الحق سبحانه وتعالى في الطاعة بالقصد، وهو ان يريد بطاعته التقرب الى الله تعالى دون شيء اخر: من تصنع لمخلوق، او اكتساب محمدة عند الناس، او محبة مدح من الخلق او معنى من المعاني سوى التقرب الى الله تعالى. وقال السيد الجليل ابو محمد سهل بن عبد الله التستري رضي الله عنه: نظر الاكياس في تفسير الاخلاص فلم يجدوا غير هذا: ان يكون حركته وسكونه في سره وعلانيته لله تعالى، ولا يمازجه نفس ولا هوى ولا دنيا. وروينا عن الاستاذ ابي علي الدقاق رضي الله عنه قال: الاخلاص: التوقي عن ملاحظة الخلق، والصدق: التنقي عن مطاوعة النفس، فالمخلص لا رياء له، والصادق لا اعجاب له. وعن ذي النون المصري رحمه الله قال: ثلاث من علامات الاخلاص: استواء المدح والذم من العامة، ونسيان رؤية الاعمال في الاعمال، واقتضاء ثواب العمل في الاخرة. وروينا عن القشيري رحمه الله قال: اقل الصدق استواء السر والعلانية. وعن سهل التستري: لا يشم رائحة الصدق عبد داهن نفسه او غيره، واقوالهم في هذا غير منحصرة، وفيما اشرت اليه كفاية لمن وفق. (1) البخاري (1) ، ومسلم (1907) ، وابو داود (2201) والترمذي (1647) ، والنسائي 1/59ـ60. (2) في هامش "ا": "تنبيها للطالب...". (3) "عن السيد": فيه اطلاق السيد على غير الله، وهو جائز، وعن النحاس كراهته اذا كان بالا. الفتوحات الربانية 1/68. [فصل]: اعلم انه ينبغي لمن بلغه شيء في فضائل الاعمال ان يعمل به ولو مرة واحدة ليكون من اهله، ولا ينبغي ان يتركه مطلقا بل ياتي بما تيسر منه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق على صحته: %"اذا امرتكم بشيء فاتوا منه ما استطعتم" (1) [فصل]: قال العلماء من المحدثين والفقهاء وغيرهم: يجوز ويستحب العمل في الفضائل والترغيب والترهيب بالحديث الضعيف ما لم يكن موضوعا (2) ، واما الاحكام كالحلال والحرام والبيع والنكاح والطلاق وغير ذلك فلا يعمل فيها الا بالحديث الصحيح او الحسن الا ان يكون في احتياط في شيء من ذلك، كما اذا ورد حديث ضعيف بكراهة بعض البيوع او الانكحة، فان المستحب ان يتنزه عنه ولكن لا يجب. وانما ذكرت هذا الفصل لانه يجيء في هذا الكتاب احاديث انص على صحتها او حسنها او ضعفها، او اسكت عنها لذهول عن ذلك او غيره، فاردت ان تتقرر هذه القاعدة عند مطالع هذا الكتاب. (1) البخاري (7288) ، ومسلم (1337) ، والترمذي (2681) ، والنسائي 5/110. ولفظه: "دعوني ما تركتكم، انما اهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم واختلافهم على انبيائهم، فاذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، واذا امرتكم بامر فاتوا منه ما استطعتم". (2) "ما لم يكن موضوعا": قال ابن علان ـ رحمه الله تعالى ـ: "وفي معناه شديد الضعف، فلا يجوز العمل بخبر من انفرد من كذاب ومتهم، وبقي للعمل بالضعيف شرطان: ان يكون له اصل شاهد لذلك؛ كاندراجه في عموم او قاعدة كلية، وان لا يعتقد عند العمل به ثبوته، بل يعتقد الاحتياط" الفتوحات الربانية: 1/84. [فصل]: اعلم انه كما يستحب الذكر يستحب الجلوس في حلق اهله، وقد تظاهرت الادلة على ذلك، وسترد في مواضعها ان شاء الله تعالى، ويكفي في ذلك حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: %قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اذا مررتم برياض الجنة فارتعوا. قالوا: وما رياض الجنة يا رسول الله؟! قال: حلق الذكر، فان لله تعالى سيارات من الملائكة يطلبون حلق الذكر، فاذا اتوا عليهم حفوا بهم" (1) . وروينا في صحيح مسلم (2) ، عن معاوية رضي الله عنه انه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على حلقة من اصحابه فقال: "ما اجلسكم؟ قالوا: جلسنا نذكر الله تعالى ونحمده على ما هدانا للاسلام ومن به علينا، قال: الله ما اجلسكم الا ذاك؟ قالوا: والله، ما اجلسنا الا ذاك، قال: اما اني لم استحلفكم تهمة لكم، ولكنه اتاني جبريل فاخبرني ان الله تعالى يباهي بكم الملائكة". وروينا في صحيح مسلم (3) ايضا، عن ابي سعيد الخدري وابي هريرة رضي الله عنهما: انهما شهدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال: %"لا يقعد قوم يذكرون الله تعالى الا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله تعالى فيمن عنده". [فصل]: الذكر يكون بالقلب، ويكون باللسان، والافضل منه ما كان بالقلب واللسان جميعا، فان اقتصر على احدهما فالقلب افضل، ثم لا ينبغي ان يترك الذكر باللسان مع القلب خوفا من ان يظن به الرياء، بل يذكر بهما جميعا ويقصد به وجه الله تعالى، وقد قدمنا عن الفضيل رحمه الله: ان ترك العمل لاجل الناس رياء. ولو فتح الانسان عليه باب ملاحظة الناس، والاحتراز من تطرق ظنونهم الباطلة لا نسد عليه اكثر ابواب الخير، وضيع على نفسه شيئا عظيما من مهمات الدين، وليس هذا طريق (4) العارفين. وروينا في صحيحي البخاري ومسلم (5) ، عن عائشة رضي الله عنها قالت: نزلت هذه الاية {ولاتجهر بصلاتك ولا تخافت بها} [الاسراء:110] في الدعاء. (1) قال الحافظ ابن حجر في اماليه على الاذكار: "لم اجده من حديث ابن عمر ولا بعضه لا في الكتب المشهورة ولا الاجزاء المنثورة، ولكن وجدته من حديث انس بمعناه مختصرا"، وذكر السيوطي ـ رحمه الله تعالى ـ في "تحفة الابرار بنكت الاذكار" ورقة 3: "واراد ـ اي النووي رحمه الله ـ ان يقول: حديث انس؛ فسبق قلمه الى ابن عمر". (2) مسلم (2701) ، والترمذي (3376) ، والنسائي 8/249، ومعنى "يباهي بكم ملائكته": يظهر فضلكم لهم، ويريهم حسن عملكم، ويثني عليكم عندهم. (3) مسلم (2700) والترمذي (3587) ومعنى "غشيتهم الرحمة": اي غطتهم من كل جهة: و"السكينة" هي المذكورة في قوله تعالى: {هو الذي انزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا ايمانا}[الفتح:4]. (4) كذا في "ا" وفي "ب": طريقة. (5) البخاري (4723) ، ومسلم (447) ، والموطا 1/218. [فصل]: اعلم ان فضيلة الذكر غير منحصرة في التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير ونحوها، بل كل عامل لله تعالى بطاعة فهو ذاكر لله تعالى، كذا قاله سعيد بن جبير رضي الله عنه زغيره من العلماء. وقال عطاء رحمه الله: مجالس الذكر هي مجالس الحلال والحرام، كيف تشتري وتبيع وتصلي وتصوم وتنكح وتطلق وتحج، واشباه هذا. [فصل]: قال الله تعالى: {ان المسلمين والمسلمات} الى قوله تعالى: {والذاكرين الله كثيرا والذاكرات، اعد الله لهم مغفرة واجرا عظيما} [الاحزاب:35]. وروينا في صحيح مسلم (1) ، عن ابي هريرة رضي الله عنه؛ ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: %"سبق المفردون، قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟! قال: الذاكرون الله كثيرا والذاكرات". قلت: روي المفردون بتشديد الراء وتخفيفها، والمشهور الذي قاله الجمهور التشديد. واعلم ان هذه الاية الكريمة (2) مما ينبغي ان يهتم بمعرفتها صاحب هذا الكتاب. وقد اختلف في ذلك، فقال الامام ابو الحسن الواحدي: قال ابن عباس: المراد يذكرون الله في ادبار الصلوات، وغدوا وعشيا، وفي المضاجع، وكلما استيقظ من نومه، وكلما غدا او راح من منزله ذكر الله تعالى. وقال مجاهد: لا يكون من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات حتى يذكر الله قائما وقاعدا ومضطجعا. وقال عطاء: من صلى الصلوات الخمس بحقوقها فهو داخل في قول الله تعالى: {والذاكرين الله كثيرا والذاكرات} هذا نقل الواحدي. وقد جاء في حديث ابي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: %"اذا ايقظ الرجل اهله من الليل فصليا ـ او صلى ـ ركعتين جميعا كتبا في الذاكرين الله كثيرا والذاكرات" هذا حديث مشهور رواه ابو داود والنسائي وابن ماجه في سننهم. وسئل الشيخ الامام ابو عمر بن الصلاح رحمه الله عن القدر الذي يصير به من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات، فقال: اذا واظب على الاذكار الماثورة (4) المثبتة صباحا ومساء في الاوقات والاحوال المختلفة ليلا ونهارا، وهي مبينة في كتاب عمل اليوم والليلة (5) ، كان من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات، والله اعلم. (1) مسلم (2676) ، والترمذي (3590) ، و"المفردون": المراد بهم: الذين تفردوا واستقلوا عن غيرهم بذكر الله عزوجل. وفي هامش "ا": "المفردون" بفتح الراء وكسرها، والكسر اشهر، هم الذين استولى عليهم الذكر، فافردهم عن كل شيء الا عن ذكر الله سبحانه وتعالى، فهم يفردونه بالذكر، ولا يضمون اليه سواه. (2) المراد بالاية هنا هي قوله تعالى: {والذاكرين الله كثيرا والذاكرات، اعد الله لهم مغفرة واجرا عظيما} [الاحزاب:35]. (3) ابو داود (1309) ، والنسائي في الكبرى، وابن ماجه (1335) . وقال الحافظ ابن حجر في تخريجه: مراد الشيخ بقوله: حديث مشهور؛ شهرته على الالسنة، لا انه مشهور بالمعنى الاصطلاحي؛ اذ هو من افراد علي بن الاقمر عن الاغر. ثم قال: رواه ابو داود ومن ذكر كما قال، لكنهم ذكروا ابا هريرة مع ابي سعيد، فما ادري لم حذفه، فانهما عند جميع من اخرجه مرفوعا، واما من افرد ابا سعيد فانه اخرجه موقوفا. الفتوحات الربانية 1/122. (4) "الماثورة": ما اثر عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويقدم عند التعارض الاصح اسنادا. (5) "كتاب عمل اليوم والليلة": اي في الكتب المؤلفة في ذلك، ككتاب "عمل اليوم والليلة" للنسائي، وكتاب "عمل اليوم والليلة" لابن السني. [فصل]: اجمع العلماء على جواز الذكر بالقلب واللسان للمحدث والجنب والحائض والنفساء، وذلك في التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم والدعاء وغير ذلك. ولكن قراءة القران حرام على الجنب والحائض والنفساء، سواء قرا قليلا او كثيرا حتى بعض اية، ويجوز لهم اجراء القران على القلب من غير لفظ، وكذلك النظر في المصحف، وامراره على القلب. قال اصحابنا: ويجوز للجنب والحائض ان يقولا عند المصيبة: {انا لله وانا اليه راجعون}، وعند ركوب الدابة: {سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين} (1) ، وعند الدعاء: {ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار}، اذا لم يقصدا به القران، ولهما ان يقولا: بسم الله، والحمد لله، اذا لم يقصدا القران، سواء قصدا الذكر او لم يكن لهما قصد، ولا ياثمان الا اذا قصدا القران، ويجوز لهما قراءة ما نسخت تلاوته "كالشيخ والشيخة اذا زنيا فارجموهما". واما اذا قالا لانسان: خذ الكتاب بقوة، او قالا: ادخلوها بسلام امنين، ونحو ذلك، فان قصدا غير القران لم يحرم، واذا لم يجدا الماء تيمما وجاز لهما القراءة، فان احدث بعد ذلك لم تحرم عليه القراءة كما لو اغتسل ثم احدث. ثم لا فرق بين ان يكون تيممه لعدم الماء في الحضر او في السفر، فله ان يقرا القران بعده وان احدث. وقال بعض اصحابنا: ان كان في الحضر صلى به وقرا به في الصلاة، ولا يجوز ان يقرا خارج الصلاة، والصحيح جوازه كما قدمناه، لان تيممه قام مقام الغسل. ولو تيمم الجنب ثم راى ماء يلزمه استعماله فانه يحرم عليه القراءة وجميع ما يحرم على الجنب حتى يغتسل. ولو تيمم وصلى وقرا ثم اراد التيمم لحدث او لفريضة اخرى او لغير ذلك لم تحرم عليه القراءة. هذا هو المذهب الصحيح المختار، وفيه وجه لبعض اصحابنا انه يحرم، وهو ضعيف. اما اذا لم يجد الجنب ماء ولا ترابا فانه يصلي لحرمة الوقت على حسب حاله، وتحرم عليه القراءة خارج الصلاة، ويحرم عليه ان يقرا في الصلاة ما زاد على الفاتحة. وهل تحرم الفاتحة؟ فيه وجهان: اصحهما لا تحرم بل تجب، فان الصلاة لا تصح الا بها، وكما جازت الصلاة للضرورة تجوز القراءة. والثاني تحرم، بل ياتي بالاذكار التي ياتي بها من لا يحسن شيئا من القران. وهذه فروع رايت اثباتها هنا لتعلقها بما ذكرته، فذكرتها مختصرة والا فلها تتمات وادلة مستوفاة في كتب الفقه، والله اعلم. (1) "مقرنين": اي مطيقين. قال ابن علان: ويضم اليها الاية الاخرى {وانا الى ربنا لمنقلبون} اي: مبعوثون. الفتوحات الربانية:1/130. [فصل]: ينبغي ان يكون الذاكر على اكمل الصفات، فان كان جالسا في موضع استقبل القبلة وجلس متذللا متخشعا بسكينة ووقار، مطرقا راسه، ولو ذكر على غير هذه الاحوال جاز ولا كراهة في حقه، لكن ان كان بغير عذر كان تاركا للافضل. والدليل على عدم الكراهة قول الله تعالى: {ان في خلق السموات والارضض واختلاف الليل والنهار لايات لاولي الالباب. الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والارض..}[ال عمران: 190ـ 191]. وثبت في الصحيحين (1) ، عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتكىء في حجري وانا حائض فيقرا القران. رواه البخاري ومسلم. وفي رواية: وراسه في حجري وانا حائض (2) . وجاء عن عائشة رضي الله عنها ايضا قالت: اني لاقرا حزبي وانا مضطجعة على السرير. [فصل]: وينبغي ان يكون الموضع الذي يذكر فيه خاليا (3) نظيفا (4) ، فانه اعظم في احترام الذكر المذكور، ولهذا مدح الذكر في المساجد والمواضع الشريفة. وجاء عن الامام الجليل ابي ميسرة رضي الله عنه قال: لا يذكر الله تعالى الا في مكان طيب. وينبغي ايضا ان يكون فمه نظيفا، فان كان فيه تغير ازاله بالسواك، وان كان فيه نجاسة ازالها بالغسل بالماء، فلو ذكر ولم يغسلها فهو مكروه ولا يحرم، ولو قرا القران وفمه نجس كره، وفي تحريمه وجهان لاصحابنا: اصحهما لا يحرم. [فصل]: اعلم ان الذكر (5) محبوب في جميع الاحوال الا في احوال ورد الشرع باستثنائها نذكر منها هننا طرفا، اشارة الى ما سواه مما سياتي في ابوابه ان شاء الله تعالى. فمن ذلك انه يكره الذكر حالةض الجلوس على قضاء الحاجة، وفي حالة الجماع، وفي حالة الخطبة لمن يسمع صوتض الخطيب، وفي القيام في الصلاة، بل يشتغل بالقراءة، وفي حالة النعاس. ولا يكره في الطريق ولا في الحمام، والله اعلم. (1) البخاري (297) ، ومسلم (301) . (2) البخاري (7549) . (3) "خاليا": اي عن كل ما يشغل البال، ويحصل من وجوه الاشتغال والوسواس. (4) "نظيفا" طاهرا من سائر الادناس فضلا عن النجاسات. (5) المقصود بالذكر هنا الذكر باللسان. [فصل]: المراد من الذكر حضور القلب، فينبغي ان يكون هو مقصود الذاكر فيحرص على تحصيله، ويتدبر ما يذكر، ويتعقل معناه. فالتدبر في الذكر مطلوب كما هو مطلوب في القراءة لاشتراكهما في المعنى المقصود، ولهذا كان المذهب الصحيح المختار استحباب مد الذاكر قول: لا اله الا الله، لما فيه من التدبر، واقوال السلف وائمة الخلف في هذا مشهورة، والله اعلم. [فصل]: ينبغي لمن كان له وظيفة من الذكر في وقت من ليل او نهار، او عقب صلاة او حالة من الاحوال ففاتته ان يتداركها وياتي بها اذا تمكن منها ولا يهملها، فانه اذا اعتاد الملازمة عليها لم يعرضها للتفويت، واذا تساهل في قضائها سهل عليه تضييعها في وقتها. وقد ثبت في صحيح مسلم (1) ، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: %"من نام عن حزبه او عن شيء منه فقراه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كانما قراه من الليل". [فصل]: في احوال تعرض للذاكر يستحب له قطع الذكر بسببها ثم يعود اليه بعد زوالها: منها اذا سلم عليه رد السلام ثم عاد الى الذكر، وكذا اذا عطس عنده عاطش شمته ثم عاد الى الذكر، وكذا اذا سمع الخطيب، وكذا اذا سمع المؤذن اجابه في كلمات الاذان والاقامة ثم عاد الى الذكر، وكذا اذا راى منكرا ازاله، او معروفا ارشد اليه، او مسترشدا اجابه ثم عاد الى الذكر، كذا اذا غلبه النعاس او نحوه. وما اشبه هذا كله. [فصل]: اعلم ان الاذكار المشروعة في الصلاة وغيرها، واجبة كانت او مستحبة لا يحسب شيء منها ولا يعتد به حتى يتلفظ به بحيث يسمع نفسه اذا كان صحيح السمع لا عارض له. [فصل]: اعلم انه قد صنف في عمل اليوم والليلة (2) جماعة من الائمة كتبا نفيسة، رووا فيها ما ذكروه باسانيدهم المتصلة، وطرقوها من طرق كثيرة، ومن احسنها "عمل اليوم والليلة" للامام ابي عبد الرحمن النسائي، واحسن منه وانفس واكثر فوائد كتاب "عمل اليوم والليلة" لصاحبه الامام ابي بكر احمد بن محمد بن اسحاق السني رضي الله عنهم. وقد سمعت انا جميع كتاب ابن السني على شيخنا الامام الحافظ ابي البقاء خالد بن يوسف (3) بن سعد بن الحسن رضي الله عنه، قال: اخبرنا الامام العلامة ابو اليمن زيد بن الحسن بن زيد بن الحسن الكندي سنة اثنتين وستمائة، قال: اخبرنا الشيخ الامام ابو الحسن سعد الخير محمد بن سهل الانصاري، قال: اخبرنا الشيخ الامام ابو محمد عبد الرحمن بن سعد بن احمد بن الحسن الدوني، قال: اخبرنا القاضي ابو نصر احمد بن الحسين بن محمد بن الكسار الدينوري، قال: اخبرنا الشيخ ابو بكر احمد بن محمد بن اسحاق السني رضي الله عنه. وانما ذكرت هذا الاسناد هنا لاني سانقل من كتاب ابن السني ان شاء الله تعالى جملا، فاحببت تقديم اسناد الكتاب، وهذا مستحسن عند ائمة الحديث وغيرهم، وانما خصصت ذكر اسناد هذا الكتاب لكونه اجمع الكتب في هذا الفن، والا فجميع ما اذكره فيه لي به روايات صحيحة بسماعات متصلة بحمد الله تعالى الا الشاذ النادر، فمن ذلك ما انقله من الكتب الخمسة التي هي اصول الاسلام، وهي: الصحيحان للبخاري ومسلم، وسنن ابي داود والترمذي والنسائي، ومن ذلك ما هو من كتب المسانيد والسنن كموطا الامام مالك، وكمسند الامام احمد بن حنبل، وابي عوانة، وسنن ابن ماجه، والدارقطني، والبيهقي وغيرها من الكتب، ومن الاجزاء مما ستراه ان شاء الله تعالى، وكل هذه المذكورات ارويها بالاسانيد المتصلة الصحيحة الى مؤلفها، والله اعلم. [فصل]: اعلم ان ما اذكره في هذا الكتاب من الاحاديث اضيفه الى الكتب المشهورة وغيرها مما قدمته، ثم ما كان في صحيحي البخاري ومسلم او في احدهما اقتصر على اضضافته اليهما لحصول الغرض وهو صحته، فان جميع ما فيهما صحيح، واما ما كان في غيرهما فاضيفه الى كتب السنن وشبهها مبينا صحته وحسنه او ضعفه ان كان فيه ضعف في غالب المواضع، وقد اغفل عن صحته وحسنه وضعفه. واعلم ان سنن ابي داود من اكبر ما انقل منه، وقد روينا عنه انه قال: ذكرت في كتابي: الصحيح وما يشبهه ويقاربه، وما كان فيه ضعف شديد بينته، وما لم اذكر فيه شيئا فهو صالح، وبعضها اصح من بعض. هذا كلام ابي داود، وفيه فائدة حسنة يحتاج اليها صاحب هذا الكتاب وغيره، وهي ان ما رواه ابو داود في سننه ولم يذكر ضعفه فهو عنده صحيح او حسن، وكلاهما يحتج به في الاحكام، فكيف بالفضائل. فاذا تقرر هذا فمتى رايت هنا حديثا من رواية ابي داود وليس فيه تضعيف، فاعلم انه لم يضعفه (4) ، والله اعلم. وقد رايت ان اقدم في اول الكتاب بابا في فضيلة الذكر مطلقا اذكر فيه اطرافا يسيرة توطئة لما بعدها، ثم اذكر مقصود الكتاب في ابوابه، واختم الكتاب ان شاء الله تعالى بباب الاستغفار تفاؤلا بان يختم الله لنا به، والله الموفق، وبه الثقة، وعليه التوكل والاعتماد، واليه التفويض والاستناد. (1) مسلم (747) ، وابو داود (1313) ، والترمذي (581) ، والموطا 1/200. ومعنى "حزبه": ورده من القران، وهو شيء يجعله الانسان على نفسه يقرؤه كل يوم. والمراد به في الحديث: ما يرتبه الانسان على نفسه من ذكر او صلاة او قراءة قران. (2) "في عمل اليوم والليلة": اي فيما يعمل فيهما من اقوال وافعال. (3) خالد بن يوسف بن سعد بن حسن بن مفرج، الامام المفيد المحدث الحافظ، زين الدين، ابو البقاء، النابلسي ثم الدمشقي، ولد سنة 585 هـ وسمع من القاسم بن عساكر، ومحمد بن الخصيب، وحنبل الرصافي، وغيرهم. واخذ عنه النووي، وتقي الدين القشيري، وابو عبد الله الملقن، والبرهان الذهبي، وغيرهم. توفي سنة 663 هـ. طبقات الحفاظ، للذهبي 4/1447. (4) ان المتتبع لتخريجات الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى على احاديث كتاب الاذكار يلمس ان هذا الحكم غير مطرد في جميع الاحاديث التي سكت عنها ابو داود، وذلك للاسباب التالية: اـ ما قاله السخاوي: ان سنن ابي داود تعددت روايتها عن مصنفها، ولكل اصل، وبينها تفاوت، حتى في وقوع البيان في بعضها دون بعض، سيما رواية ابي الحسن بن العبد، ففيها من كلامه اشياء زائدة على رواية غيره، وحينئذ فلا يسوغ السكوت الا بعد النظر فيها. ب ـ قد يكون عدم تصريح ابي داود بضعف الحديث ضعفه الظاهر. جـ ـ ان سكوت ابي داود رحمه الله عن تضعيف حديث ما، قد يكون عن تساهل؛ كما ذكر ذلك الحافظ المنذري في مقدمة "الترغيب والترهيب". انظر "الفتوحات الربانية" 1/170 ـ 172، و "الترغيب والترهيب" 1/35 ـ 38.