الاذكار النووية كتاب ما يقوله اذا دخل في الصلاة

الاذكار النووية

كتاب ما يقوله اذا دخل في الصلاة

متسلسل العدد النوع العنوان الوصف
1 - - كتاب ما يقوله اذا دخل في الصلاة
2 - - 33ـ باب ما يقوله اذا دخل في الصلاة اعلم ان هذا الباب واسع جدا، وجاءت فيه احاديث صحيحة كثيرة من انواع عديدة، وفيه فروع كثيرة في كتب الفقه ننبه هنا منها على اصولها ومقاصدها دون دقائقها ونوادرها، واحذف ادلة معظمها ايثارا للاختصار، اذ ليس هذا الكتاب موضوعا لبيان الادلة، انما هو لبيان ما يعمل به، والله سبحانه الموفق.
3 - - 34ـ باب تكبيرة الاحرام اعلم ان الصلاة لا تصح الا بتكبيرة الاحرام فريضة كانت او نافلة. والتكبيرة عند الشافعي والاكثرين جزء من الصلاة وركن من اركانها. وعند ابي حنيفة هي شرط ليست من نفس الصلاة. واعلم ان لفظ التكبير ان يقول: الله اكبر، او يقول: الله الاكبر، فهذان جائزان عند الشافعي وابي حنيفة واخرين، ومنع مالك الثاني، فالاحتياط ان ياتي الانسان بالاول ليخرج من الخلاف، ولا يجوز التكبير بغير هذين اللفظين. فلو قال: الله العظيم، او الله المتعال، او الله اعظم، او اعز، او اجل، وما اشبه هذا، لم تصح صلاته عند الشافعي والاكثرين، وقال ابو حنيفة: تصح. ولو قال: اكبر الله، لم تصح على الصحيح عندنا، وقال بعض اصحابنا: تصح كما لو قال في اخر الصلاة: عليكم السلام، فانه يصح على الصحيح. واعلم انه لا يصح التكبير ولا غيره من الاذكار حتى يتلفظ بلسانه بحيث يسمع نفسه اذا لم يكن له عارض، وقد قدمنا بيان هذا في الفصول التي في اول الكتاب، فان كان بلسانه خرس او عيب حركه بقدر ما يقدر عليه وتصح صلاته. واعلم انه لا يصح التكبير بالعجمية لمن قدر عليه بالعربية، واما من لا يقدر فيصح ويجب عليه تعلم العربية، فان قصر في التعلم لم تصح صلاته وتجب اعادة ما صلاه في المدة التي قصر فيها عن التعلم. واعلم ان المذهب الصحيح المختار ان تكبيرة الاحرام لا تمد ولا تمطط، بل يقولها مدرجة مسرعة، وقيل تمد، والصواب الاول. واما باقي التكبيرات فالمذهب الصحيح المختار استحباب مدها الى ان يصل الى الركن الذي بعدها، وقيل لا تمد، فلو مد ما لا يمد او ترك مد ما يمد لم تبطل صلاته، لكن فاتته الفضيلة. واعلم ان محل المد بعد اللام من الله ولا يمد في غيره. [فصل]: والسنة ان يجهر الامام بتكبيرة الاحرام وغيرها ليسمعه الماموم، ويسر الماموم بها بحيث يسمع نفسه، فان جهر الماموم او اسر الامام لم تفسد صلاته، وليحرص على تصحيح التكبير، فلا يمد في غير موضعه، فان مد الهمزة من الله، او اشبع فتحة الباء من اكبر بحيث صارت على لفظ اكبار لم تصح صلاته. [فصل]: اعلم ان الصلاة التي هي ركعتان شرع فيها احدى عشرة تكبيرة، والتي هي ثلاث ركعات سبع عشرة تكبيرة، والتي هي اربع ركعات اثنتان وعشرون تكبيرة، فان في كل ركعة خمس تكبيرات: تكبيرة للركوع، واربعا للسجدتين والرفع منهما. وتكبيرة الاحرام، وتكبيرة القيام من التشهد الاول. ثم اعلم ان جميع هذه التكبيرات سنة لو تركها عمدا او سهوا لا تبطل صلاته ولا تحرم عليه ولا يسجد للسهو، الا تكبيرة الاحرام فانها لا تنعقد الصلاة الا بها بلا خلاف، والله اعلم.
4 2 احاديث 35ـ باب ما يقوله بعد تكبيرة الاحرام اعلم انه قد جاءت فيه احاديث كثيرة يقتضي مجموعها ان يقول: الله اكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة واصيلا، وجهت وجهي للذي فطر السموات والارض حنيفا مسلما وما انا من المشركين، ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك امرت وانا من المسلمين، اللهم انت الملك لا اله الا انت، انت ربي وانا عبدك، ظلمت نفسي واعترفت بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعا، فانه لا يغفر الذنوب الا انت، واهدني لاحسن الاخلاق لا يهدي لاحسنها الا انت واصرف عني سيئها لا يصرف سيئها الا انت، لبيك وسعديك والخير كله في يديك، والشر ليس اليك، انا بك واليك، تباركت وتعاليت، استغفرك واتوب اليك. ويقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الابيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد. فكل هذا المذكور ثابت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وجاء في الباب احاديث اخر منها: [فصل]: هذا ما ورد من الاذكار في دعاء التوجه، فيستحب الجمع بينها كلها لمن صلى منفردا، وللامام اذا اذن له المامومون. فاما اذا لم ياذنوا له فلا يطول عليهم بل يقتصر على بعض ذلك، وحسن اقتصاره على: وجهت وجهي الى قوله: من المسلمين، وكذلك المنفرد الذي يؤثر التخفيف. واعلم ان هذه الاذكار مستحبة في الفريضة والنافلة، فلو تركه في الركعة الاولى عامدا او ساهيا لم يفعله بعدها لفوات محله، ولو فعله كان مكروها ولا تبطل صلاته، ولو تركه عقيب التكبيرة حتى شرع في القراءة او التعوذ فقد فات محله فلا ياتي به، فلو اتى به لم تبطل صلاته، ولو كان مسبوقا ادرك الامام في احدى الركعات اتى به الا ان يخاف من اشتغاله به فوات الفاتحة، فيشتغل بالفاتحة فانها اكد لانها واجبة، وهذا سنة. ولو ادرك المسبوق الامام في غير القيام اما في الركوع واما في السجود واما في التشهد احرم معه واتى بالذكر الذي ياتي به الامام، ولا ياتي بدعاء الاستفتاح في الحال ولا فيما بعد. واختلف اصحابنا (في "د": "الاصحاب") في استحباب دعاء الاستفتاح في صلاة الجنازة، والاصح انه لا يستحب لانها مبنية على التخفيف. واعلم ان دعاء الاستفتاح سنة ليس بواجب، ولو تركه لم يسجد للسهو، والسنة فيه الاسرار، فلو جهر به كان مكروها ولا تبطل صلاته.
5 1 احاديث 36ـ باب التعوذ بعد دعاء الاستفتاح اعلم ان التعوذ بعد دعاء الاستفتاح سنة بالاتفاق، وهو مقدمة للقراءة، قال الله تعالى: {فاذا قرات القران فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم} [النحل:98] معناه عند جماهير العلماء (في هامش"ا": "وائمة المسلمين") : اذا اردت القراءة فاستعذ بالله. واعلم ان اللفظ المختار في التعوذ: اعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وجاء: اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، ولا باس به، ولكن المشهور المختار هو الاول. [فصل]: اعلم ان التعوذ مستحب ليس بواجب، لو تركه لم ياثم ولا تبطل صلاته سواء تركه عمدا او سهوا، ولا يسجد للسهو، وهو مستحب في جميع الصلوات الفرائض والنوافل كلها، ويستحب في صلاة الجنازة على الاصح، ويستحب للقارىء خارج الصلاة باجماع ايضا. [فصل]: واعلم ان التعوذ مستحب في الركعة الاولى بالاتفاق، فان لم يتعوذ في الاولى اتى به في الثانية، فان لم يفعل ففيما بعدها، فلو تعوذ في الاولى هل يستحب في الثانية؟ فيه وجهان لاصحابنا، اصحهما انه يستحب لكنه في الاولى اكد. واذا تعوذ في الصلاة التي يسر فيها بالقراءة اسر بالتعوذ، فان تعوذ في التي يجهر فيها بالقراءة فهل يجهر؟ فيه خلاف؛ من اصحابنا من قال: يسر، وقال الجمهور: للشافعي في المسالة قولان: احدهما يستوي الجهر والاسرار، وهو نصه في الام. والثاني يسن الجهر وهو نصه في الاملاء. ومنهم من قال فيه قولان: احدهما: يجهر، (والثاني: يسر، والصحيح من حيث الجملة انه يستحب الجهر) (ما بين القوسين سقط من النسخ المطبوعة، واثبتها من "ا") ؛ صححه الشيخ ابو حامد الاسفرايني امام اصحابنا العراقيين وصاحبه المحاملي وغيرهما، وهو الذي كان يفعله ابو هريرة رضي الله عنه، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يسر، وهو الاصح عند جمهور اصحابنا، وهو المختار، والله اعلم.
6 1 احاديث 37ـ باب القراءة بعد التعوذ اعلم ان القراءة واجبة في الصلاة بالاجماع مع النصوص المتظاهرة، ومذهبنا ومذهب الجمهور، ان قراءة الفاتحة واجبة لا يجزىء غيرها لمن قدر عليها، للحديث الصحيحح %ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تجزىء صلاة لا يقرا فيها بفاتحة الكتاب" رواه ابن خزيمة وابو حاتم ابن حبان ـ بكسر الحاء ـ في صحيحيهما بالاسناد الصحيح وحكما بصحته. وفي الصحيحين %عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا صلاة الا بفاتحة الكتاب" ويجب قراءة بسم الله الرحمن الرحيم، وهي اية كاملة من اول الفاتحة. وتجب قراءة الفاحة بجميع تشديداتها وهي اربع عشرة تشديدة: ثلاث في البسملة، والباقي بعدها، فان اخل بتشديدة واحدة بطلت قراءته. ويجب ان يقراها مرتبة متوالية، فان ترك ترتيبها او موالاتها لم تصح قراءته، ويعذر في السكوت بقدر التنفس. ولو سجد الماموم مع الامام للتلاوة، او سمع تامين الامام فامن لتامينه، او سال الرحمة، او استعاذ من النار لقراءة الامام ما يقتضي ذلك، والماموم في اثناء الفاتحة لم تنقطع قراءته على اصح الوجهين لانه معذور. [فصل]: فان لحن في الفاتحة لحنا يخل المعنى بطلت صلاته، وان لم يخل المعنى صحت قراءته، فالذي يخله مثل ان يقول: انعمت، بضم التاء او كسرها، او يقول: اياك نعبد، بكسر الكاف، والذي لا يخل مثل ان يقول: رب العالمين، بضم الباء او فتحها، او يقول نستعين، بفتح النون الثانية او كسرها، ولو قال: ولا الضالين بالظاء بطلت صلاته على ارجح الوجهين الا ان يعجز عن الضاد بعد التعلم فيعذر. [فصل]: فان لم يحسن الفاتحة قرا بقدرها من غيرها، فان لم يحسن شيئا من القران اتى من الاذكار كالتسبيح والتهليل ونحوهما بقدر ايات الفاتحة، فان لم يحسن شيئا من الاذكار وضاق الوقت عن التعلم وقف بقدر القراءة ثم يركع وتجزئه صلاته ان لم يكن فرط في التعلم، فان كان فرط في التعلم وجبت الاعادة؛ وعلى كل تقدير متى تمكن من التعلم وجب عليه تعلم الفاتحة، اما اذا كان يحسن الفاتحة بالعجمية ولا يحسنها بالعربية لا يجوز له قراءتها بالعجمية بل هو عاجز، فياتي بالبدل على ما ذكرناه. [فصل]: ثم بعد الفاتحة يقرا سورة او بعض سورة، وذلك سنة لو تركه صحت صلاته ولا يسجد للسهو، وسواء كانت الصلاة فريضة او نافلة، ولا يستحب قراءة السورة في صلاة الجنازة على اصح الوجهين، لانها مبنية على التخفيف، ثم هو بالخيار ان شاء قرا سورة، وان شاء قرا بعض سورة، والسورة القصيرة افضل من قدرها من الطويلة. ويستحب ان يقرا السورة على ترتيب المصحف، فيقرا في الثانية سورة بعد السورة الاولى، وتكون تليها، فلو خالف هذا جاز. والسنة ان تكون السورة بعد الفاتحة، فلو قراها قبل الفاتحة لم تحسب له قراءة السورة. واعلم ان ما ذكرناه من استحباب السورة هو للامام والمنفرد وللماموم فيما يسر به الامام، اما ما يجهر به الامام فلا يزيد الماموم فيه على الفاتحة ان سمع قراءة الامام، فان لم يسمعها او سمع همهمة لا يفهمها استحبت له السورة على الاصح بحيث لا يشوش على غيره. [فصل]: والسنة ان تكون السورة في الصبح والظهر من طوال المفصل، وفي العصر والعشاء من اوساط المفصل، وفي المغرب من قصار المفصل، فان كان اماما خفف عن ذلك الا ان يعلم ان المامومين يؤثرون التطويل. والسنة ان يقرا في الركعة الاولى من صلاة الصبح يوم الجمعة سورة ـ الم تنزيل ـ السجدة، وفي الثانية: هل اتى على الانسان، ويقراهما بكمالهما؛ واما ما يفعله بعض الناس من الاقتصار على بعضهما فخلاف السنة. والسنة ان يقرا في صلاة العيد والاستسقاء في الركعة الاولى بعد الفاتحة: ق، وفي الثانية: اقتربت الساعة؛ وان شاء قرا في الاولى: سبح اسم ربك الاعلى، وفي الثانية: هل اتاك حديث الغاشية، فكلاهما سنة؛ والسنة ان يقرا في الاولى من صلاة الجمعة: سورة الجمعة، وفي الثانية المنافقون، وان شاء في الاولى: سبح، وفي الثانية: هل اتاك، فكلاهما سنة، وليحذر الاقتصار على بعض السورة في هذه المواضع، فان اراد التخفيف ادرج قراءته من غير هذرمة. والسنة ان يقرا في ركعتي سنة الفجر في الاولى بعد الفاتحة: {قولوا امنا بالله وما انزل الينا}، وفي الثانية: {قل يا اهل الكتاب تعالى الى كلمة سواء} الاية، وان شاء في الاولى: {قل يا ايها الكافرون} وفي الثانية: {قل هو الله احد} فكلاهما صح في صحيح مسلم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله، ويقرا في ركعتي سنة المغرب وركعتي الطواف والاستخارة في الاولى: {قل يا ايها الكافرون} وفي الثانية: {قل هو الله احد}. واما الوتر فاذا اوتر بثلاث ركعات قرا في الاولى بعد الفاتحة: {سبح اسم ربك} وفي الثانية: {قل يا ايها الكافرون} وفي الثالثة: {قل هو الله احد} مع المعوذتين، وكل هذا الذي ذكرناه جاءت به احاديث في الصحيح وغيره مشهورة استغنينا بشهرتها عن ذكرها، والله اعلم. [فصل]: لو ترك سورة الجمعة في الركعة الاولى من صلاة الجمعة قرا في الثانية سورة الجمعة مع سورة المنافقين، وكذا صلاة العيد والاستسقاء والوتر وسنة الفجر وغيرها مما ذكرناه مما هو في معناه، اذا ترك في الاولى ما هو مسنون اتى في الثانية بالاول والثاني، لئلا تخلو صلاته من هاتين السورتين، ولو قرا في صلاة الجمعة في الاولى: سورة المنافقين، قرا في الثانية: سورة الجمعة، ولا يعيد المنافقين، وقد استقصيت دلائل هذا في شرح المهذب. [فصل]: ثبت في الصحيح ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يطول في الركعة الاولى من الصبح وغيرها ما لا يطول في الثانية، فذهب اكثر اصحابنا الى تاويل هذا، وقال: لا يطول الاولى على الثانية؛ وذهب المحققون منهم الى استحباب تطويل الاولى لهذا الحديث الصحيح، واتفقوا على ان الثالثة والرابعة يكونان (سواء على انهما) (زيادة من "د" ص 17) اقصر من الاولى والثانية، والاصح انه لا تستحب السورة فيهما، فان قلنا باستحبابها فالاصح ان الثالثة كالرابعة، وقيل بتطويلها عليها. [فصل]: اجمع العلماء على الجهر بالقراءة في صلاة الصبح والاوليين من المغرب والعشاء. وعلى الاسرار في الظهر والعصر والثالثة من المغرب، والثالثة والرابعة من العشاء، وعلى الجهر في صلاة الجمعة والعيدين والتراويح والوتر عقبها، وهذا مستحب للامام والمنفرد فيما ينفرد به منها؛ واما الماموم فلا يجهر في شيء من هذا بالاجماع؛ ويسن الجهر في صلاة كسوف القمر والاسرار في صلاة كسوف الشمس، ويجهر في صلاة الاستسقاء، ويسر في الجنازة اذا صلاها في النهار، وكذا اذا صلاها بالليل على الصحيح المختار، ولا يجهر في نوافل النهار غير ما ذكرناه من العيد والاستسقاء. واختلف اصحابنا في نوافل الليل فقيل لا يجهر، وقيل يجهر. والثالث وهو الاصح ـ وبه قطع القاضي حسين والبغوي ـ يقرا بين الجهر والاسرار، ولو فاتته صلاة بالليل فقضاها في النهار، او بالنهار فقضاها بالليل فهل يعتبر في الجهر والاسرار وقت الفوات ام وقت القضاء؟ فيه وجهان: اظهرهما يعتبر وقت القضاء. وقيل: يسر مطلقا. واعلم ان الجهر في مواضعه والاسرار في مواضعه سنة ليس بواجب، فلو جهر موضع الاسرار، او اسر موضع الجهر فصلاته صحيحة، ولكنه ارتكب المكروه كراهة تنزيه ولا يسجد للسهو؛ وقد قدمنا ان الاسرار في القراءة والاذكار المشروعة في الصلاة لابد فيه من ان يسمع نفسه، فان لم يسمعها من غير عارض لم تصح قراءته ولا ذكره. [فصل]: قال اصحابنا: يستحب للامام في الصلاة الجهرية ان يسكت اربع سكتات: احداهن عقيب تكبيرة الاحرام، لياتي بدعاء الاستفتاح، والثانية بعد فراغه من الفاتحة سكتة لطيفة جدا بين اخر الفاتحة وبين امين، ليعلم ان امين ليست من الفاتحة، والثالثة بعد امين سكتة طويلة بحيث يقرا الماموم الفاتحة، والرابعة بعد الفراغ من السورة يفصل بها بين القراءة وتكبيرة الهوي الى الركوع. [فصل]: فاذا فرغ من الفاتحة استحب له ان يقول امين، والاحاديث الصحيحة كثيرة مشهورة في كثرة فضله (منها ما رواه البخاري ومسلم وغيرهما، عن ابي هريرة رضي الله عنه؛ ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اذا امن الامام فامنوا، فان الملائكة تؤمن، فمن وافق تامينه تامي الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه") وعظيم اجره، وهذا التامين مستحب لكل قارىء، سواء كان في الصلاة ام خارجا منها؛ وفيه اربع لغات: اصحهن (في هامش"ا": "افصحن") واشهرهن "امين" بالمد والتخفيف، والثانية بالقصر والتخفيف، والثالثة بالامالة، والرابعة بالمد والتشديد. فالاوليان مشهورتان، والثالثة والرابعة حكاهما الواحدي في اول البسيط، والمختار الاولى، وقد بسطت القول في بيان هذه اللغات وشرحها وبيان معناها ودلائلها وما يتعلق بها في كتاب "تهذيب الاسماء واللغات" (انظر كتاب "تهذيب الاسماء واللغات"3/12ـ13) . ويستحب التامين في الصلاة للامام والماموم والمنفرد، ويجهر به الامام والمنفرد في الصلاة الجهرية، والصحيح ايضا ان الماموم يجهر به، سواء كان الجمع قليلا او كثيرا. ويستحب ان يكون تامين الماموم مع تامين الامام، لا قبله ولا بعده، وليس في الصلاة موضع يستحب ان يقترن فيه قول الماموم بقول الامام الا في قوله: امين، واما باقي الاقوال فيتاخر قول الماموم. [فصل]: يسن لكل من قرا في الصلاة او غيرها اذا مر باية رحمة ان يسال الله تعالى من فضله، واذا مر باية عذاب ان يستعيذ به من النار او من العذاب او من الشر او من المكروه، او يقول: اللهم اني اسالك العافية او نحو ذلك؛ واذا مر باية تنزيه لله سبحانه وتعالى نزه فقال: سبحانه وتعالى، او: تبارك الله رب العالمين، او: جلت عظمة ربنا، او نحو ذلك.
7 8 احاديث 38ـ باب اذكار الركوع قد تظاهرت الاخبار الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه كان يكبر للركوع وهو سنة، ولو تركه كان مكروها كراهة تنزيه، ولا تبطل صلاته ولا يسجد للسهو، وكذلك جميع التكبيرات التي في الصلاة هذا حكمها الا تكبيرة الاحرام، فانها ركن لا تنعقد الصلاة الا بها؛ وقد قدمنا عد تكبيرات الصلاة في اول ابواب الدخول في الصلاة. وعن الامام احمد رواية: ان جميع هذه التكبيرات واجبة. وهل يستحب مد هذا التكبير؟ فيه قولان للشافعي رحمه الله: اصحهما وهو الجديد يستحب مده الى ان يصل الى حد الراكعين فيشتغل بتسبيح الركوع لئلا يخلو جزء من صلاته عن ذكر، بخلاف تكبيرة الاحرام، فان الصحيح استحباب ترك المد فيها، لانه يحتاج الى بسط النية عليها، فاذا مدها شق عليه، واذا اختصرها سهل عليه، وهكذا حكم باقي التكبيرات، وقد تقدم ايضاح هذا في باب تكبيرة الاحرام، والله اعلم. [فصل]: فاذا وصل الى حد الراكعين اشتغل باذكار الركوع فيقول: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم. [فصل]: يكره قراءة القران في الركوع والسجود، فان قرا غير الفاتحة لم تبطل صلاته، وكذا لو قرا الفاتحة لا تبطل صلاته على الاصح، وقال بعض اصحابنا: تبطل.
8 5 احاديث 39ـ باب ما يقوله في رفع راسه من الركوع وفي اعتداله السنة ان يقول حال رفع راسه: سمع الله لمن حمده، ولو قال: من حمد الله سمع له، جاز، نص عليه الشافعي في الام، فاذا استوى قائما قال: ربنا لك الحمد حمدا طيبا مباركا فيه ملء السموات وملء الارض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد، اهل الثناء والمجد، احق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، لا مانع لما اعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. [فصل]: اعلم انه يستحب ان يجمع بين هذه الاذكار كلها على ما قدمناه في اذكار الركوع، فان اقتصر على بعضها فليقتصر على "سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد ملء السموات وملء الارض وما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد" فان بالغ في الاقتصار اقتصر على "سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد" فلا اقل من ذلك. واعلم ان هذه الاذكار كلها مستحبة للامام والماموم والمنفرد، الا ان الامام لا ياتي بجميعها الا ان يعلم من حال المامومين انهم يؤثرون التطويل. واعلم ان هذا الذكر سنة ليس بواجب، فلو تركه كره له كراهة تنزيه ولا يسجد للسهو، ويكره قراءة القران في هذا الاعتدال كما يكره في الركوع والسجود، والله اعلم.
9 10 احاديث 40ـ باب اذكار السجود فاذا فرغ من اذكار الاعتدال كبر وهوى ساجدا ومد التكبير الى ان يضع جبهته على الارض. وقد قدمنا حكم هذه التكبيرة وانها سنة لو تركها لم تبطل صلاته ولا يسجد للسهو، فاذا سجد اتى باذكار السجود، وهي كثيرة: فمنها ما رويناه في صحيح مسلم من رواية حذيفة المتقدمة في الركوع في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، حين قرا البقرة وال عمران والنساء في الركعة الواحدة، لا يمر باية رحمة الا سال، ولا باية عذاب الا استعاذ، قال: ثم سجد فقال: "سبحان ربي الاعلى" فكان سجوده قريبا من قيامه (مسلم (772) ، وقد تقدم في باب اذكار الركوع برقم 1/105) . [فصل]: اختلف العلماء في السجود في الصلاة والقيام ايهما افضل؟ فمذهب الشافعي ومن وافقه: القيام افضل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث في صحيح مسلم "افضل الصلاة طول القنوت" (مسلم (4) ) " ومعناه القيام، ولان ذكر القيام هو القران، وذكر السجود هو التسبيح، والقران افضل، فكان ما طول به افضل. وذهب بعض العلماء الى ان السجود افضل، لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدم: "اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد" (مسلم (482) ) . قال الامام ابو عيسى الترمذي في كتابه: اختلف اهل العلم في هذا، فقال بعضهم: طول القيام في الصلاة افضل من كثرة الركوع والسجود. وقال بعضهم: كثرة الركوع والسجود افضل من طول القيام. وقال احمد بن حنبل: روي فيه حديثان عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يقض فيه احمد بشيء. وقال اسحاق: اما بالنهار فكثرة الركوع والسجود، واما بالليل فطول القيام، الا ان يكون رجل له جزء بالليل ياتي عليه، فكثرة الركوع والسجود في هذا احب الي لانه ياتي على حزبه، وقد ربح كثرة الركوع والسجود. قال الترمذي: وانما قال اسحاق هذا لانه وصف صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل ووصف طول القيام. واما بالنهار فلم يوصف من صلاته صلى الله عليه وسلم من طول القيام ما وصف بالليل. [فصل]: اذا سجد للتلاوة استحب ان يقول في سجوده ما ذكرناه في سجود الصلاة، ويستحب ان يقول معه: اللهم اجعلها لي عندك ذخرا، واعظم لي بها اجرا، وضع عني بها وزرا، وتقبلها مني كما تقبلتها من داود عليه السلام. ويستحب ان يقول ايضا: {سبحان ربنا ان كان وعد ربنا لمفعولا}[الاسراء: 108] نص الشافعي على هذا الاخير.
10 2 احاديث 41ـ باب ما يقول في رفع راسه من السجود وفي الجلوس بين السجدتين السنة ان يكبر من حين يبتدىء بالرفع، ويمد التكبير الى ان يستوي جالسا، وقد قدمنا بيان عدد التكبيرات، والخلاف في مدها، والمد المبطل لها؛ فاذا فرغ من التكبير واستوى جالسا، فالسنة ان يدعو: [فصل]: فاذا سجد السجدة الثانية قال فيه ما ذكرناه في الاولى سواء، فاذا رفع راسه منه رفع مكبرا وجلس للاستراحة جلسة لطيفة بحيث تسكن حركته سكونا بينا، ثم يقوم في الركعة الثانية ويمد التكبيرة التي رفع بها من السجود الى ان ينتصب قائما، ويكون المد بعد اللام من الله، هذا اصح الاوجه لاصحابنا، ولهم وجه ان يرفع بغير تكبير ويجلس للاستراحة فاذا نهض كبر؛ ووجه ثالث ان يرفع من السجود مكبرا، فاذا جلس قطع التكبير ثم يقوم بغير تكبير. ولا خلاف انه لا ياتي بتكبيرين في هذا الموضع، وانما قال اصحابنا: الوجه الاول اصح لئلا يخلو جزء من الصلاة عن ذكر. واعلم ان جلسة الاستراحة سنة صحيحة ثابتة في صحيح البخاري وغيره من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومذهبنا استحبابها لهذه السنة الصحيحة، ثم هي مستحبة عقيب السجدة الثانية من كل ركعة يقوم عنها، ولا تستحب في سجود التلاوة في الصلاة (في هامش "ا" وقد اوضحت هذا في "شرح المهذب" وفي "شرح البخاري" ايضا، وليس مقصودي في هذا الكتاب الا بيان الاذكار الخاصة. قلت: وشرح البخاري من الكتب التي بدا النووي تاليفها، وتوفي قبل ان يتمها) ، والله اعلم.
11 - - 42ـ باب اذكار الركعة الثانية اعلم ان الاذكار التي ذكرناها في الركعة الاولى يفعلها كلها في الثانية على ما ذكرناه في الاولى من الفرض والنفل، وغير ذلك من الفروع المذكورة، الا في اشياء: احدها: ان الركعة الاولى فيها تكبيرة الاحرام وهي ركن، وليس كذلك الثانية فانه لا يكبر في اولها، وانما التكبيرة التي قبلها للرفع من السجود مع انها سنة. الثاني: لا يشرع دعاء الاستفتاح في الثانية بخلاف الاولى. الثالث: قدمنا انه يتعوذ في الاولى بلا خلاف، وفي الثانية خلاف، الاصح انه يتعوذ. الرابع: المختار ان القراءة في الثانية تكون اقل من الاولى، وفيه الخلاف الذي قدمناه، والله اعلم.
12 3 احاديث 43ـ باب القنوت في الصبح اعلم ان القنوت في صلاة الصبح سنة للحديث الصحيح فيه: [فصل]: اعلم ان محل القنوت عندنا في الصبح بعد الرفع من الركوع في الركعة الثانية. وقال مالك رحمه الله: يقنت قبل الركوع. قال اصحابنا: فلو قنت شافعي قبل الركوع لم يحسب له على الاصح، ولنا وجه ان يحسب، وعلى الاصح يعيده بعد الركوع ويسجد للسهو، وقيل لا يسجد، واما لفظه فالاختيار ان يقول فيه: [فصل]: اختلف اصحابنا في رفع اليدين في دعاء القنوت ومسح الوجه بهما على ثلاثة اوجه: اصحها انه يستحب رفعهما ولا يمسح الوجه. والثاني: يرفع ويمسحه. والثالث: لا يمسح ولا يرفع. واتفقوا على انه لا يمسح غير الوجه من الصدر ونحوه، بل قالوا: ذلك مكروه. واما الجهر بالقنوت والاسرار به فقال اصحابنا: ان كان المصلي منفردا اسر به، وان كان اماما جهر على المذهب الصحيح المختار الذي ذهب اليه الاكثرون. والثاني انه يسر كسائر الدعوات في الصلاة. واما الماموم فان لم يجهر الامام قنت سرا كسائر الدعوات، فانه يوافق فيها الامام سرا. وان جهر الامام بالقنوت فان كان الماموم يسمعه امن على دعائه وشاركه في الثناء في اخره، وان كان لا يسمعه قنت سرا، وقيل يؤمن، وقيل له ان يشاركه مع سماعه، والمختار الاول. واما غير الصبح اذا قنت فيها حيث نقول به، فان كانت جهرية وهي المغرب والعشاء فهي كالصبح على ما تقدم، وان كانت ظهرا او عصرا فقيل يسر فيها بالقنوت، وقيل انها كالصبح. والحديث الصحيح في قنوت رسول الله صلى الله عليه وسلم على الذين قتلوا القراء ببئر معونة يقتضي ظاهره الجهر بالقنوت في جميع الصلوات، ففي صحيح البخاري في باب تفسير قول الله تعالى: {ليس لك من الامر شيء} [ال عمران: 128] عن ابي هريرة: ان النبي صلى الله عليه وسلم جهر بالقنوت في قنوت النازلة (؟؟البخاري (4560) ) .
13 8 احاديث 44ـ باب التشهد في الصلاة اعلم ان الصلاة ان كانت ركعتين فحسب كالصبح والنوافل فليس فيها الا تشهد واحد، وان كانت ثلاث ركعات او اربعا ففيها تشهدان: اول، وثانن. ويتصور في حق المسبوق ثلاثة تشهدات، ويتصور في حقه في صلاة المغرب اربعة تشهدات، مثل ان يدرك الامام بعد الركوع في الثانية فيتابعه في التشهد الاول والثاني ولم يحصل له من الصلاة الا ركعة، فاذا سلم الامام قام المسبوق لياتي بالركعتين الباقيتين عليه، فيصلي ركعة ويتشهد عقبها لانها ثانيته، ثم يصلي الثالثة ويتشهد عقيبها. اما اذا صلى نافلة فنوى اكثر من اربع ركعات ولو نوى (كذا في "ا" وفي بقية النسخ: "بان نوى") مئة ركعة، فالاختيار ان يقتصر فيها على تشهدين، فيصلي ما نواه الا ركعتين ويتشهد، ثم ياتي بالركعتين ويتشهد التشهد الثاني ويسلم. قال جماعة من اصحابنا: لا يجوز ان يزيد على تشهدين، ولا يجوز ان يكون بين التشهد الاول والثاني اكثر من ركعتين، ويجوز ان يكون بينهما ركعة واحدة، فان زاد على تشهدين او كان بينهما اكثر من ركعتين بطلت صلاته. وقال اخرون: يجوز ان يتشهد في كل ركعة، والاصح جوازه في كل ركعتين لا في كل ركعة، والله اعلم. واعلم ان التشهد الاخير واجب عند الشافعي واحمد واكثر العلماء، وسنة عند ابي حنيفة ومالك؛ واما التشهد الاول فسنة عند الشافعي ومالك وابي حنيفة والاكثرين، وواجب عند احمد؛ فلو تركه عند الشافعي صحت صلاته، ولكن يسجد للسهو سواء تركه عمدا او سهوا، والله اعلم. [فصل]: واما لفظ التشهد فثبت فيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث تشهدات. [فصل]: الاختيار ان ياتي بتشهد من الثلاثة الاول بكماله، فلو حذف بعضه فهل يجزئه؟ فيه تفصيل، فاعلم ان لفظ المباركات والصلوات والطيبات والزاكيات سنة ليس بشرط في التشهد، فلو حذفها كلها واقتصر على قوله التحيات لله السلام عليك ايها النبي الى اخره اجزاه. وهذا لا خلاف فيه عندنا. واما في الالفاظ من قوله: السلام عليك ايها النبي، الى اخره فواجب لا يجوز حذف شيء منه الا لفظ ورحمة الله وبركاته، ففيهما ثلاثة اوجه لاصحابنا. اصحها لا يجوز حذف واحدة منهما، وهذا هو الذي يقتضيه الدليل لاتفاق الاحاديث عليهما. والثاني يجوز حذفهما. والثالث يجوز حذف وبركاته دون ورحمة الله. وقال ابو العباس بن سريج من اصحابنا: يجوز ان يقتصر على قوله: التحيات لله، سلام عليك ايها النبي، سلام على عباد الله الصالحين، اشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله. واما لفظ السلام فاكثر الروايات: السلام عليك ايها النبي، وكذا السلام علينا بالالف واللام فيهما، وفي بعض الروايات: سلام بحذفهما فيهما. قال اصحابنا: كلاهما جائز، ولكن الافضل: السلام بالالف واللام لكونه الاكثر، ولما فيه من الزيادة والاحتياط. اما التسمية قبل التحيات فقد روينا حديثا مرفوعا في سنن النسائي والبيهقي وغيرهما باثباتها، وتقدم اثباتها في تشهد ابن عمر، لكن قال البخاري والنسائي وغيرهما من ائمة الحديث: ان زيادة التسمية غير صحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلهذا قال جمهور اصحابنا: لا يستحب التسمية، وقال بعض اصحابنا: يستحب، والمختار انه لا ياتي بها، لان جمهور الصحابة الذين رووا التشهد لم يرووها. [فصل]: اعلم ان الترتيب في التشهد مستحب ليس بواجب، فلو قدم بعضه على بعض جاز على المذهب الصحيح المختار الذي قاله الجمهور، ونص عليه الشافعي رحمه الله في الام. وقيل لا يجوز كالفاظ الفاتحة، ويدل للجواز تقديم السلام على لفظ الشهادة في بعض الروايات، وتاخيره في بعضها كما قدمناه. واما الفاتحة فالفاظها وترتيبها معجز فلا يجوز تغييره، ولا يجوز التشهد بالعجمية لمن قدر على العربية، ومن لم يقدر يتشهد بلسانه ويتعلم كما ذكرنا في تكبيرة الاحرام. [فصل]: السنة في التشهد الاسرار لاجماع المسلمين على ذلك، ويدل عليه من الحديث:
14 - - 45ـ باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد اعلم ان الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم واجبة عند الشافعي رحمه الله بعد التشهد الاخير، فلو تركها فيه لم تصح صلاته، ولا تجب الصلاة على ال النبي صلى الله عليه وسلم فيه على المذهب الصحيح المشهور، لكن تستحب. وقال بعض اصحابنا: تجب. والافضل ان يقول: " اللهم صل على محمد عبدك ورسولك النبي الامي وعلى ال محمد وازواجه وذريته، كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم، وبارك على محمد النبي الامي وعلى ال محمد وازواجه وذريته، كما باركت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم في العالمين انك حميد مجيد". وروينا هذه الكيفية في صحيح البخاري ومسلم (البخاري (6357) ، ومسلم (406) ، وابو داود (976) ، والترمذي (483) ، والنسائي 3/47) ، عن كعب بن عجرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الا بعضها، فهو صحيح من رواية غير كعب. وسياتي تفصيله في كتاب الصلاة على محمد صلى الله عليه واله وسلم ان شاء الله تعالى والله اعلم. والواجب منه: اللهم صل على النبي، وان شاء قال: صلى الله على محمد، وان شاء قال: صلى الله على رسوله، او صلى الله على النبي. ولنا وجه انه لا يجوز الا قوله: اللهم صل على محمد. ولنا وجه انه يجوز ان يقول: وصلى الله على احمد. ووجه انه يقول: صلى الله عليه، والله اعلم. واما التشهد الاول فلا تجب فيه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بلا خلاف، وهل تستحب؟ فيه قولان: اصحهما تستحب، ولا تستحب الصلاة على الال على الصحيح، وقيل تستحب، ولا يستحب الدعاء في التشهد الاول عندنا، بل قال اصحابنا يكره لانه مبني على التخفيف، بخلاف التشهد الاخير، والله اعلم.
15 6 احاديث 46ـ باب الدعاء بعد التشهد الاخير اعلم ان الدعاء بعد التشهد الاخير مشروع بلا خلاف.
16 - - 47ـ باب السلام للتحلل من الصلاة اعلم ان السلام للتحلل من الصلاة ركن من اركانها وفرض من فروضها لا تصح الا به، هذا مذهب الشافعي ومالك واحمد وجماهير السلف والخلف، والاحاديث الصحيحة المشهورة مصرحة بذلك. واعلم ان الاكمل في السلام ان يقول عن يمينه "السلام عليكم ورحمة الله" وعن يساره "السلام عليكم ورحمة الله" ولا يستحب ان يقول معه: وبركاته، لانه خلاف المشهور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وان كان قد جاء في رواية لابي داود. وقد ذكره جماعة من اصحابنا منهم امام الحرمين وزاهر السرخسي والروياني في الحلية، ولكنه شاذ، والمشهور ما قدمناه، والله اعلم. وسواء كان المصلي اماما او ماموما او منفردا في جماعة قليلة او كثيرة في فريضة او نافلة ففي كل ذلك يسلم تسليمتين كما ذكرنا ويلتفت بهما الى الجانبين، والواجب تسليمة واحدة، واما الثانية فسنة لو تركها لم يضره؛ ثم الواجب من لفظ السلام ان يقول: السلام عليكم، ولو قال: سلام عليكم لم يجزئه على الاصح. ولو قال: عليكم السلام اجزاه على الاصح، فلو قال: السلام عليك او سلامي عليك، او سلامي عليكم، او سلام الله عليكم، او سلام عليكم بغير تنوين، او قال: السلام عليهم، لم يجزئه شيء من هذا بلا خلاف، وتبطل صلاته ان قاله عامدا عالما في كل ذلك، الا في قوله: السلام عليهم، فانه لا تبطل صلاته به لانه دعاء، وان كان ساهيا لم تبطل ولا يحصل التحلل من الصلاة، بل يحتاج الى استئناف سلام صحيح، ولو اقتصر الامام على تسليمة واحدة اتى الماموم بالتسليمتين. قال القاضي ابو الطيب الطبري من اصحابنا وغيره: اذا سلم الامام فالماموم بالخيار ان شاء سلم في الحال، وان شاء استدام الجلوس للدعاء واطال ما شاء، والله اعلم.
17 1 احاديث 48ـ باب ما يقوله الرجل اذا كلمه انسان وهو في الصلاة
18 18 احاديث 49ـ باب الاذكار بعد الصلاة اجمع العلماء على استحباب الذكر بعد الصلاة، وجاءت فيه احاديث كثيرة صحيحة في انواع منه متعددة، فنذكر اطرافا من اهمها:
19 5 احاديث 50ـ باب الحث على ذكر الله تعالى بعد صلاة الصبح اعلم ان اشرف اوقات الذكر في النهار، الذكر بعد صلاة الصبح.
20 36 احاديث 51ـ باب ما يقال عند الصباح وعند المساء اعلم ان هذا الباب واسع جدا ليس في الكتاب باب اوسع منه، وانا اذكر ان شاء الله تعالى فيه جملا من مختصراته، فمن وفق للعمل بكلها فهي نعمة وفضل من الله تعالى عليه وطوبى له، ومن عجز عن جميعها فليقتصر من مختصراتها على ما شاء ولو كان ذكرا واحدا. والاصل في هذا الباب من القران العزيز قول الله سبحانه وتعالى: {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها} [طه:130] وقال تعالى: {وسبح بحمد ربك بالعشي والابكار} [غافر:55] وقال تعالى: {و اذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والاصال} [الاعراف:205] قال اهل اللغة: الاصال جمع اصيل: وهو ما بين العصر والمغرب. وقال تعالى: {ولاتطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه}[الانعام:52] قال اهل اللغة: العشي: ما بين زوال الشمس وغروبها. وقال تعالى: {في بيوت اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه، يسبح له فيها بالغدو والاصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله}[النور:36] الاية. وقال تعالى: {انا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والاشراق} [ص:18].
21 1 احاديث 52ـ باب ما يقال في صبيحة الجمعة اعلم ان كل ما يقال في غير يوم الجمعة يقال فيه، ويزاد (في "د": "ويزداد") استحباب كثرة الذكر فيه على غيره، ويزاد كثرة الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
22 2 احاديث 53ـ باب ما يقول اذا طلعت الشمس
23 1 احاديث 54ـ باب ما يقول اذا استقلت ("استقلت الشمس": ارتفعت) الشمس
24 1 احاديث 55ـ باب ما يقول بعد زوال الشمس الى العصر قد تقدم اذا لبس ثوبه، واذا خرج من بيته، واذا دخل الخلاء، واذا خرج منه، واذا توضا، واذا قصد المسجد، واذا وصل بابه، واذا صار فيه، واذا سمع المؤذن والمقيم، وما بين الاذان والاقامة، وما يقوله اذا اراد القيام للصلاة، وما يقوله في الصلاة من اولها الى اخرها، وما يقوله بعدها، وهذا كله يشترك فيه جميع الصلوات. ويستحب الاكثار من الاذكار وغيرها من العبادات عقب الزوال.
25 1 احاديث 56ـ باب ما يقوله بعد العصر الى غروب الشمس قد تقدم ما يقوله بعد الظهر والعصر كذلك، ويستحب الاكثار من الاذكار في العصر استحبابا متاكدا فانها الصلاة الوسطى على قول جماعات من السلف والخلف، وكذلك تستحب زيادة الاعتناء بالاذكار في الصبح، فهاتان الصلاتان اصح ما قيل في الصلاة الوسطى، ويستحب الاكثار من الاذكار بعد العصر واخر النهار اكثر، قال الله تعالى: {فسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها} [طه: 130] وقال الله تعالى: {وسبح بحمد ربك بالعشي والابكار}[غافر: 55] وقال الله تعالى: {واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والاصال} [الاعراف: 205] وقال تعالى: {يسبح له فيها بالغدو والاصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله} [النور:36] وقد تقدم ان الاصال ما بين العصر والمغرب.
26 1 احاديث 57ـ باب ما يقوله اذا سمع اذان المغرب
27 2 احاديث 58ـ باب ما يقوله بعد صلاة المغرب قد تقدم قريبا انه يقول عقيب كل الصلوات الاذكار المتقدمة، ويستحب ان يزيد فيقول بعد ان يصلي سنة المغرب:
28 2 احاديث 59ـ باب ما يقرؤه في صلاة الوتر وما يقوله بعدها السنة لمن اوتر بثلاث ركعات ان يقرا في الاولى بعد الفاتحة: {سبح اسم ربك الاعلى} وفي الثانية{قل يا ايها الكافرون} وفي الثالثة: {قل هو الله احد} والمعوذتين. فان نسي {سبح} في الاولى}، اتى بها مع {قل يا ايها الكافرون} في الثانية، وكذا ان نسي في الثانية{قل يا ايها الكافرون} اتى بها في الثالثة مع {قل هو الله احد} والمعوذتين.
29 32 احاديث 60ـ باب ما يقول اذا اراد النوم واضطجع على فراشه قال الله تعالى: {ان في خلق السموات والارض واختلاف الليل والنهار لايات لاولي الالباب. الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم} [ال عمران: 190ـ191] الايات.
30 1 احاديث 61ـ باب كراهة النوم من غير ذكر الله تعالى
31 6 احاديث 62ـ باب ما يقول اذا استيقظ في الليل واراد النوم بعده اعلم ان المستيقظ بالليل على ضربين: احدهما: من لا ينام بعده، وقد قدمنا في اول الكتاب اذكاره. والثاني: من يريد النوم بعده، فهذا يستحب له ان يذكر الله تعالى الى ان يغلبه النوم، وجاء فيه اذكار كثيرة، فمن ذلك ما تقدم في الضرب الاول. ومن ذلك:
32 3 احاديث 63ـ باب ما يقول اذا قلق في فراشه فلم ينم
33 1 احاديث 64ـ باب ما يقول اذا كان يفزع في منامه
34 5 احاديث 65ـ باب ما يقول اذا راى في منامه ما يحب او يكره
35 1 احاديث 66ـ باب ما يقول اذا قصت عليه رؤيا
36 2 احاديث 67ـ باب الحث على الدعاء والاستغفار في النصف الثاني من كل ليلة
37 1 احاديث 68ـ باب الدعاء في جميع ساعات الليل كله رجاء ان يصادف ساعة الاجابة
38 1 احاديث 69ـ باب اسماء الله الحسنى قال الله تعالى: {ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها}[الاعراف:180].