الاذكار النووية كتاب تلاوة القران

الاذكار النووية

كتاب تلاوة القران

متسلسل العدد النوع العنوان الوصف
1 - - كتاب تلاوة القران
2 18 احاديث 70ـ باب تلاوة القران اعلم ان تلاوة القران هي افضل الاذكار، والمطلوب القراءة بالتدبر، وللقراءة اداب ومقاصد، وقد جمعت قبل هذا فيها كتابا مختصرا (هو كتاب "التبيان في اداب حملة القران" وطبع مرارا) مشتملا على نفائس من اداب القراء والقراءة وصفاتها وما يتعلق بها، لا ينبغي لحامل القران ان يخفى عليه مثله، وانا اشير في هذا الكتاب الى مقاصد من ذلك مختصرة، وقد دللت من اراد ذلك وايضاحه على مظنته، وبالله التوفيق. [فصل]: ينبغي ان يحافظ على تلاوته ليلا ونهارا، سفرا وحضرا، وقد كانت للسلف رضي الله عنهم عادات مختلفة في القدر الذي يختمون فيه، فكان جماعة منهم يختمون في كل شهرين ختمة، واخرون في كل شهر ختمة، واخرون في كل عشر ليال ختمة، واخرون في كل ثمان ليال ختمة، واخرون في كل سبع ليال ختمة، وهذا فعل الاكثرين من السلف، واخرون في كل ست ليال، واخرون في خمس، واخرون في اربع، وكثيرون في كل ثلاث، وكان كثيرون يختمون في كل يوم وليلة ختمة، وختم جماعة في كل يوم وليلة ختمتين. واخرون في كل يوم وليلة ثلاث ختمات، وختم بعضهم في اليوم والليلة ثماني ختمات: اربعا في الليل، واربعا في النهار: وممن ختم اربعا في الليل واربعا في النهار السيد الجليل ابن الكاتب الصوفي (ابن الكاتب: هو ابو علي، حسن بن احمد الصوفي، المتوفى بعد سنة 340 هـ الفتوحات 3/232) رضي الله عنه، وهذا اكثر ما بلغنا في اليوم والليلة. وروى السيد الجليل احمد الدورقي باسناده عن منصور بن زاذان بن عباد التابعي رضي الله عنه انه كان يختم القران ما بين الظهر والعصر، ويختمه ايضا فيما بين المغرب والعشاء، ويختمه فيما بين المغرب والعشاء في رمضان ختمتين وشيئا، وكانوا يؤخرون العشاء في رمضان الى ان يمضي ربع الليل. وروى ابن ابي داود باسناده الصحيح ان مجاهدا رحمه الله كان يختم القران في رمضان فيما بين المغرب والعشاء. واما الذين ختموا القران في ركعة فلا يحصون لكثرتهم، فمنهم عثمان بن عفان، وتميم الداري، وسعيد بن جبير. والمختار ان ذلك يختلف باختلاف الاشخاص، فمن كان يظهر له بدقيق الفكر لطائف ومعارف فليقتصر على قدر يحصل له فهم ما يقرا، وكذا من كان مشغولا بنشر العلم او فصل الحكومات بين المسلمين او غير ذلك من مهمات الدين والمصالح العامة للمسلمين، فليقتصر على قدر لا يحصل له بسببه اخلال بما هو مرصد له ولا فوت كماله، ومن لم يكن من هؤلاء المذكورين فليستكثر ما امكنه من غير خروج الى حد الملل او الهذرمة في القراءة. وقد كره جماعة من المتقدمين الختم في يوم وليلة، ويدل عليه: [فصل]: في الاوقات المختارة للقراءة، اعلم ان افضل القراءة ما كان في الصلاة، ومذهب الشافعي واخرين رحمهم الله: ان تطويل القيام في الصلاة بالقراءة افضل من تطويل السجود وغيره. واما القراءة في غير الصلاة فافضلها قراءة الليل، والنصف الاخير منه افضل من الاول، والقراءة بين المغرب والعشاء محبوبة. واما قراءة النهار فافضلها ما بعد صلاة الصبح، ولا كراهة في القراءة في وقت من الاوقات، ولا في اوقات النهي عن الصلاة. واما ما حكاه ابن ابي داود رحمه الله عن معان بن رفاعة رحمه الله عن مشيخته (قال ابن علان: "مشيخته" بفتح الميم وسكون المعجمة، وفتح التحتية، والخاء المعجمة، وهو احد جموع لفظ شيخ. وفي هامش "ا": "وفي نسخة: عن مشايخه") انهم كرهوا القراءة بعد العصر وقالوا: انها دراسة يهود، فغير مقبول ولا اصل له، ويختار من الايام: الجمعة، والاثنين، والخميس، ويوم عرفة؛ ومن الاعشار: العشر الاول من ذي الحجة والعشر الاخير من رمضان؛ ومن الشهور: رمضان. [فصل]: في اداب الختم وما يتعلق به، قد تقدم ان الختم للقارىء وحده يستحب ان يكون في صلاة. واما من يختم في غير صلاة، والجماعة الذين يختمون مجتمعين، فيستحب ان يكون ختمهم في اول الليل او في اول النهار كما تقدم. ويستحب صيام يوم الختم الا ان يصادف يوما نهى الشرع عن صيامه. وقد صح عن طلحة بن مصرف والمسيب بن رافع وحبيب بن ابي ثابت التابعيين الكوفيين رحمهم الله اجمعين؛ انهم كانوا يصبحون صياما اليوم الذي يختمون فيه. ويستحب حضور مجلس الختم لمن يقرا ولمن لا يحسن القراءة. [فصل]: ويستحب الدعاء عند الختم استحبابا متاكدا شديدا لما قدمناه. [فصل]: فيمن نام عن حزبه ووظيفته المعتادة. [فصل]: في الامر بتعهد القران، والتحذير من تعريضه للنسيان. [فصل]: في مسائل واداب ينبغي للقارىء الاعتناء بها، وهي كثيرة جدا، نذكر منها اطرافا محذوفة الادلة لشهرتها، وخوف الاطالة المملة بسببها. فاول ما يؤمر به: الاخلاص في قراءته، وان يريد بها الله سبحانه وتعالى، وان لا يقصد بها توصلا الى شيء سوى ذلك، وان يتادب مع القران ويستحضر في ذهنه انه يناجي الله سبحانه وتعالى ويتلو كتابه، فيقرا على حال من يرى الله، فانه ان لم يره فان الله تعالى يراه. [فصل]: وينبغي انه اذا اراد القراءة ان ينظف فمه بالسواك وغيره، والاختيار في السواك ان يكون بعود الاراك، ويجوز بغيره من العيدان، وبالسعد والاشنان، والخرقة الخشنة، وغير ذلك مما ينظف. وفي حصوله بالاصبع الخشنة ثلاثة اوجه لاصحاب الشافعي: اشهرها عندهم لا يحصل، والثاني: يحصل، والثالث: يحصل ان لم يجد غيرها، ولا يحصل ان وجد. ويستاك عرضا مبتدئا بالجانب الايمن من فمه، وينوي به الاتيان بالسنة. وقال بعض اصحابنا: يقول عند السواك: اللهم بارك لي فيه يا ارحم الراحمين! ويستاك في ظاهر الاسنان وباطنها، ويمر بالسواك على اطراف اسنانه وكراسي اضراسه وسقف حلقه امرارا لطيفا، ويستاك بعود متوسط، لا شديد اليبوسة، ولا شديد اللين، فان اشتد يبسه لينه بالماء. اما اذا كان فمه نجسا بدم او غيره، فانه يكره له قراءة القران قبل غسله، وهل يحرم؟ فيه وجهالن: اصحهما لا يحرم، وسبقت المسالة اول الكتاب، وفي هذا الفصل بقايا تقدم ذكرها في الفصول التي قدمتها في اول الكتاب. [فصل]: ينبغي للقارىء ان يكون شانه الخشوع والتدبر والخضوع، فهذا هو المقصود المطلوب، وبه تنشرح الصدور وتستنير القلوب، ودلائله اكثر من ان تحصر واشهر من ان تذكر. وقد بات جماعة من السلف يتلو الواحد منهم اية واحدة ليلة كاملة او معظم ليلة يتدبرها عند القراءة. وصعق جماعة منهم، ومات جماعات منهم. ويستحب البكاء والتباكي لمن لا يقدر على البكاء، فان البكاء عند القراءة صفة العارفين وشعار عباد الله الصالحين، قال الله تعالى: {ويخرون للاذقان يبكون ويزيدهم خشوعا}[الاسراء:109]. وقد ذكرت اثارا كثيرة وردت في ذلك في (التبيان في اداب حملة القران) . قال السيد الجليل صاحب الكرامات والمعارف والمواهب واللطائف ابراهيم الخواص رضي الله عنه: دواء القلب خمسة اشياء: قراءة القران بالتدبر، وخلاء البطن، وقيام الليل، والتضرع عند السحر، ومجالسة الصالحين. [فصل]: قراءة القران في المصحف افضل من القراءة من حفظه، هكذا قاله اصحابنا، وهو مشهور عن السلف رضي الله عنهم، وهذا ليس على اطلاقه، بل ان كان القارىء من حفظه يحصل له من التدبر والتفكر وجمع القلب والبصر اكثر مما يحصل من المصحف، فالقراءة من الحفظ افضل، وان استويا فمن المصحف افضل، وهذا مراد السلف. [فصل]: جاءت اثار بفضيلة رفع الصوت بالقراءة واثار بفضيلة الاسرار. قال العلماء: والجمع بينهما ان الاسرار ابعد من الرياء، فهو افضل في حق من يخاف ذلك، فان لم يخف الرياء فالجهر افضل، بشرط ان لا يؤذي غيره من مصل او نائم او غيرهما. ودليل فضيلة الجهر ان العمل فيه اكثر، لانه يتعدى نفعه الى غيره، ولانه يوقظ قلب القارىء ويجمع همه الى الفكر ويصرف سمعه اليه، ولانه يطرد النوم ويزيد في النشاط ويوقظ غيره من نائم وغافل وينشطه، فمتى حضره شيء من هذه النيات فالجهر افضل. [فصل]: ويستحب تحسين الصوت بالقراءة وتزيينها ("وتزيينها": قال في الاحياء: يستحب تزيين القراءة بترديد الصوت من غير تمطيط مفرط يغير النظم. الفتوحات 3/266) ما لم يخرج عن حد القراءة بالتمطيط، فان افرط ("فان افرط" قال اقضى القضاة الماوردي في كتاب "الحاوي": القراءة بالالحان الموضوعة ان اخرجت لفظ القران عن صفته بادخال حركات فيه او اخراج حركات منه، او قصر ممدود، او مد مقصور، او تمطيط يخفى به اللفظ فيلتبس المعنى فهو حرام يفسق به القارىء، وياثم به المستمع، وان لم يخرجه اللحن عن لفظه وقرا به وعلى ترتيله كان مباحا؛ لانه زاد بالحانه في تحسينه. الفتوحات 3/266) حتى زاد حرفا او اخفى حرفا هو حرام. واما القراءة بالالحان فهي على ما ذكرناه ان افر فحرام، والا فلا، والاحاديث بما ذكرناه في تحسين الصوت كثيرة مشهورة في الصحيح وغيره؛ وقد ذكرت في اداب القراء قطعة منها. [فصل]: ويستحب للقارىء اذا ابتدا من وسط السورة ان يبتدىء من اول الكلام المرتبط بعضه ببعض، وكذلك اذا وقف يقف على المرتبط وعند انتهاء الكلام، ولا يتقيد في الابتداء ولا في الوقف بالاجزاء والاحزاب والاعشار، فان كثيرا منها في وسط الكلام المرتبط بالكلام، ولا يغتر الانسان بكثرة الفاعلين لهذا الذي نهينا عنه ممن لا يراعي هذه الاداب، وامتثل ما قاله السيد الجليل ابو علي الفضيل بن عياض رضي الله عنه: لا تستوحش طرق الهدى لقلة اهلها، ولا تغتر بكثرة الهالكين، ولهذا المعنى قال العلماء: قراءة سورة بكمالها افضل من قراءة قدرها من سورة طويلة، لانه قد يخفى الارتباط على كثير من الناس او اكثرهم في بعض الاحوال والمواطن. [فصل]: ومن البدع المنكرة ما يفعله كثيرون من جهلة المصلين بالناس التراويح من قراءة سورة (الانعام) بكمالها في الركعة الاخيرة منها في الليلة السابعة، معتقدين انها مستحبة، زاعمين انها نزلت جملة واحدة، فيجمعون في فعلهم هذا انواعا من المنكرات: منها اعتقادها مستحبة، ومنها ايهام العوام ذلك، ومنها تطويل الركعة الثانية على الاولى، ومنها التطويل على المامومين، ومنها هذرمة القراءة، ومنها المبالغة في تخفيف الركعات قبلها. [فصل]: يجوز ان يقول: سورة البقرة، وسورة ال عمران، وسورة النساء، وسورة العنكبوت، وكذلك الباقي، ولا كراهة في ذلك؛ وقال بعض السلف: يكره ذلك، وانما يقال السورة التي تذكر فيها البقرة، والتي يذكر فيها النساء، وكذلك الباقي، والصواب الاول، وهو قول جماهير علماء المسلمين من سلف الامة وخلفها، والاحاديث فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اكثر من ان تحصر، وكذلك عن الصحابة فمن بعدهم؛ وكذلك لا يكره ان يقال: هذه قراءة ابي عمرو، وقراءة ابن كثير وغيرهما، هذا هو المذهب الصحيح المختار الذي عليه عمل السلف والخلف من غير انكار، وجاء عن ابراهيم النخعي رحمه الله انه قال: كانوا يكرهون سنة فلان، وقراءة فلان، والصواب ما قدمناه. [فصل]: يكره ان يقول نسيت اية كذا او سورة كذا، بل يقول انسيتها او اسقطتها. [فصل]: اعلم ان اداب القارىء والقراءة لا يمكن استقصاؤها في اقل من مجلدات، ولكنا اردنا الاشارة الى بعض مقاصدها المهمات بما ذكرناه من هذه الفصول المختصرات، وقد تقدم في الفصول السابقة في اول الكتاب شيء من اداب الذاكر والقارىء، وتقدم ايضا في اذكار الصلاة جمل من الاداب المتعلقة بالقراءة، وقد قدمنا الحوالة على كتاب "التبيان في اداب حملة القران" لمن اراد مزيدا، وبالله التوفيق، وهو حسبي ونعم الوكيل. [فصل]: اعلم ان قراءة القران اكد الاذكار كما قدمنا، فينبغي المداومة عليها، فلا يخلي عنها يوما وليلة، ويحصل له اصل القراءة بقراءة الايات القليلة.