الاذكار النووية كتاب اذكار الحج

الاذكار النووية

كتاب اذكار الحج

متسلسل العدد النوع العنوان الوصف
1 - - كتاب اذكار الحج
2 5 احاديث 153ـ (باب اذكار الحج) اعلم ان اذكار الحج ودعواته كثيرة لا تنحصر، ولكن نشير الى المهم من مقاصدها. والاذكار التي فيها على ضربين: اذكار في سفره، واذكار في نفس الحج. فاما التي في سفره فنؤخرها لنذكرها في اذكار الاسفار ان شاء الله تعالى. واما التي في نفس الحج فنذكرها على ترتيب عمل الحج ان شاء الله تعالى، واحذف الادلة والاحاديث في اكثرها خوفا من طول الكتاب، وحصول السامة على مطالعه، فان هذا الباب طويل جدا، فلهذا اسلك فيه الاختصار ان شاء الله تعالى. فاول ذلك: اذا اراد الاحرام اغتسل وتوضا ولبس ازاره ورداءه ("ولبس ازاره ورداءه": اي لصحة ذلك عنه صلى الله عليه وسلم فعلا، روى الشيخان "انه صلى الله عليه وسلم احرم في ازار ورداء" او قولا رواه ابو عوانة في صحيحه ولفظه "ليحرم احدكم في ازار ورداء ونعلين" وصححه ابن المنذر ولم يتعرض لتخريج مستند ذلك الحافظ، والسنة كون الازار والرداء ابيضين، ويسن كونهما جديدين نظيفين، والا فنظيفين؛ ويكره المتنجس الجاف والمصبوغ كله او بعضه، ولو قبل النسج على الاوجه؛ اما المعصفر والمزعفر فيتعين اجتنابهما. الفتوحات 4/351) ، وقد قدمنا ما يقوله المتوضىء والمغتسل، وما يقول اذا لبس الثوب ثم يصلي ركعتين، وتقدمت اذكار الصلاة، ويستحب ان يقرا في الركعة الاولى بعد الفاتحة {قل يا ايها الكافرون} وفي الثانية {قل هو الله احد} فاذا فرغ من الصلاة استحب ان يدعو بما شاء، وتقدم ذكر جمل من الدعوات والاذكار خلف الصلاة، فاذا اراد الاحرام نواه بقلبه. ويستحب ان يساعد بلسانه قلبه، فيقول: نويت الحج واحرمت به لله عزوجل، لبيك اللهم لبيك الى اخر التلبية. والواجب نية القلب واللفظ سنة، فلو اقتصر على القلب اجزاه، ولو اقتصر على اللسان لم يجزئه. قال الامام ابو الفتح سليم بن ايوب الرازي: لو قال يعني بعد هذا: اللهم لك احرم نفسي وشعري وبشري ولحمي ودمي كان حسنا. وقال غيره: يقول ايضا: اللهم اني نويت الحج فاعني عليه وتقبله مني، ويلبي فيقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك. هذه تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويستحب ان يقول في اول تلبية يلبيها: لبيك اللهم بحجة ان كان احرم بحجة، او لبيك بعمرة ان كان احرم بها، ولا يعيد ذكر الحج والعمرة فيما ياتي بعد ذلك من التلبية على المذهب الصحيح المختار. واعلم ان التلبية سنة لو تركها صح حجه وعمرته ولا شيء عليه، لكن فاتته الفضيلة العظيمة والاقتداء برسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم، هذا هو الصحيح من مذهبنا ومذهب جماهير العلماء، وقد اوجبها بعض اصحابنا، واشترطها لصحة الحج بعضهم، والصواب الاول، لكن تستحب المحافظة عليها للاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، وللخروج من الخلاف، والله اعلم. واذا احرم عن غيره قال: نويت الحج واحرمت به لله تعالى عن فلان، لبيك اللهم عن فلان الى اخر ما يقوله من يحرم عن نفسه. [فصل]: ويستحب ان يصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد التلبية، وان يدعو لنفسه ولمن اراد بامور الاخرة والدنيا، ويسال الله تعالى رضوانه والجنة، ويستعيذ به من النار، ويستحب الاكثار من التلبية، ويستحب ذلك في كل حال: قائما، وقاعدا، وماشيا، وراكبا، ومضطجعا، ونازلا، وسائرا، ومحدثا، وجنبا، وحائضا، وعند تجدد الاحوال وتغايرها زمانا ومكانا وغير ذلك، كاقبال الليل والنهار، وعند الاسحار، واجتماع الرفاق، وعند القيام والقعود، والصعود والهبوط، والركوب والنزول، وادبار الصلوات، وفي المساجد كلها، والاصح انه لا يلبي في حال الطواف والسعي، لان لهما اذكارا مخصوصة. ويستحب ان يرفع صوته بالتلبية بحيث لا يشق عليه، وليس للمراة رفع الصوت، لان صوتها يخاف الافتتان به. ويستحب ان يكرر التلبية كل مرة ثلاث مرات فاكثر، وياتي بها متوالية لا يقطعها بكلام ولا غيره. وان سلم عليه انسان رد السلام، ويكره السلام عليه في هذه الحالة، واذا راى شيئا فاعجبه قال: لبيك ان العيش عيش الاخرة. اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم. واعلم ان التلبية لا تزال مستحبة حتى يرمي جمرة العقبة يوم النحر او يطوف طواف الافاضة ان قدمه عليها، فاذا بدا بواحد منهما قطع التلبية مع اول شروعه فيه واشتغل بالتكبير. قال الامام الشافعي رحمه الله: ويلبي المعتمر حتى يستلم الركن. [فصل]: اذا وصل المحرم الى حرم مكة زاده الله شرفا استحب له ان يقول: اللهم هذا حرمك وامنك فحرمني على النار، وامني من عذابك يوم تبعث عبادك، واجعلني من اوليائك واهل طاعتك، ويدعو بما احب. [فصل]: فاذا دخل مكة ووقع بصره على الكعبة ووصل المسجد استحب له ان يرفع يديه ويدعو؛ فقد جاء انه يستجاب دعاء المسلم عند رؤيته الكعبة ويقول: اللهم زد هذا البيت تشريفا وتعظيما وتكريما ومهابة، وزد من شرفه وكرمه ممن حجه او اعتمره تشريفا وتكريما وتعظيما وبرا، ويقول: اللهم انت السلام ومنك السلام، حينا ربنا بالسلام، ثم يدعو بما شاء من خيرات الاخرة والدنيا، ويقول عند دخول المسجد ما قدمناه في اول الكتاب في جميع المساجد. [فصل]: في اذكار الطواف: يستحب ان يقول عند استلام الحجر الاسود اولا، وعند ابتداء الطواف ايضا: بسم الله، والله اكبر، اللهم ايمانا بك وتصديقا بكتابك، ووفاء بعهدك واتباعا لسنة نبيك صلى الله عليه وسلم. ويستحب ان يكرر هذا الذكر عند محاذاة الحجر الاسود في كل طوفة، ويقول في رمله في الاشواط الثلاثة "اللهم اجعله حجا مبرورا ("حجا مبرورا": اي سليما من مصاحبة الاثم، من البر، وهو الاحسان او الطاعة) ، وذنبا مغفورا، وسعيا مشكورا". ويقول في الاربعة الباقية: "اللهم اغفر وارحم، واعف عما تعلم وانت الاعز الاكرم، اللهم ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار". قال الشافعي رحمه الله: احب ما يقال في الطواف: اللهم ربنا اتنا في الدنيا حسنة الى اخره، قال: واحب ان يقال في كله، ويستحب ان يدعو فيما بين طوافه بما احب من دين ودنيا، ولو دعا واحد وامن جماعة فحسن. وحكي عن الحسن رحمه الله ان الدعاء يستجاب هنالك في خمسة عشر موضعا: في الطواف، وعند الملتزم، وتحت الميزاب، وفي البيت، وعند زمزم، وعلى الصفا والمروة، وفي المسعى، وخلف المقام، وفي عرفات، وفي المزدلفة، وفي منى، وعند الجمرات الثلاث، فمحروم من لا يجتهد في الدعاء فيها. ومذهب الشافعي وجماهير اصحابه انه يستحب قراءة القران في الطواف لانه موضع ذكر. وافضل الذكر قراءة القران. واختار ابو عبد الله الحليمي من كبار اصحاب الشافعي انه لا يستحب قراءة القران فيه، والصحيح هو الاول. قال اصحابنا: والقراءة افضل من الدعوات غير الماثورة، واما الماثورة فهي افضل من القراءة على الصحيح. وقيل: القراءة افضل منها. قال الشيخ ابو محمد الجويني رحمه الله: يستحب ان يقرا في ايام الموسم ختمة في طوافه فيعظم اجرها (قال ابن علان: اعترض ـ اي على الجويني ـ بانه لا سند له في ذلك، ويرد بان الشيخ انما قصد بذلك التحريض على هذا الخير الكثير... الفتوحات 4/389) ، والله اعلم. ويستحب اذا فرغ من الطواف ومن صلاة ركعتي الطواف ان يدعو بما احب، ومن الدعاء المنقول فيه: "اللهم انا عبدك وابن عبدك اتيتك بذنوب كثيرة (كذا بالنسختين "ا" و"ب"، وفي المطبوع "بذنوب كبيرة") واعمال سيئة، وهذا مقام العائذ بك من النار، فاغفر لي انك انت الغفور الرحيم". [فصل]: في الدعاء في الملتزم، وهو ما بين الكعبة والحجر الاسود. وقد قدمنا انه يستجاب فيه الدعاء. ومن الدعوات الماثورة: "اللهم لك الحمد حمدا يوافي نعمك، ويكافىء مزيدك، احمدك بجميع محامدك ما علمت منها وما لم اعلم على جميع نعمك ما علمت منها وما لم اعلم، وعلى كل حال؛ اللهم صل وسلم على محمد وعلى ال محمد؛ اللهم اعذني من الشيطان الرجيم، واعذني من كل سوء، وقنعني بما رزقتني وبارك لي فيه؛ اللهم اجعلني من اكرم وفدك عليك، والزمني سبيل الاستقامة حتى القاك يا رب العالمين!" (قال الحافظ ابن حجر: لم اقف له ـ اي هذا الدعاء ـ على اصل، والله المستعان. الفتوحات 4/391) ثم يدعو بما احب. [فصل]: في الدعاء في الحجر، بكسر الحاء واسكان الجيم، وهو محسوب من البيت. وقد قدمنا انه يستجاب الدعاء فيه. ومن الدعاء الماثور (قال الحافظ: روينا الاثر المذكور في "المنتظم" لابن الجوزي، وفي "مثير العزم" له بسند ضعيف من طريق مالك بن دينار. الفتوحات 4/393) فيه: "يا رب اتيتك من شقة بعيدة مؤملا معروفك فانلني معروفا من معروفك تغنيني به عن معروف من سواك يا معروفا بالمعروف". [فصل]: في الدعاء في البيت، وقد قدمنا انه يستجاب الدعاء فيه. [فصل]: في اذكار السعي، وقد تقدم انه يستجاب الدعاء فيه، والسنة ان يطيل القيام على الصفا ويستقبل الكعبة فيكبر ويدعو فيقول: "الله اكبر الله اكبر الله اكبر ولله الحمد، الله اكبر على ما هدانا، والحمد لله على ما اولانا، لا اله الا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير، لا اله الا الله انجز وعده، ونصر عبده، وهزم الاحزاب وحده، لا اله الا الله، ولا نعبد الا اياه، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون؛ اللهم انك قلت: ادعوني استجب لكم، وانك لا تخلف الميعاد، واني اسالك كما هديتني للاسلام ان لا تنزعه مني حتى تتوفاني وانا مسلم". ثم يدعو بخيرات الدنيا والاخرة، ويكرر هذا الذكر والدعاء ثلاث مرات، ولا يلبي؛ واذا وصل الى المروة رقى عليها وقال الاذكار والدعوات التي قالها على الصفا. وروينا (قال الحافظ بعد تخريجه عن ابن عمر رضي الله عنهما: هذا موقوف صحيح. الفتوحات 4/400) ، عن ابن عمر رضي الله عنهما انه كان يقول على الصفا: اللهم اجعلنا نحبك، ونحب ملائكتك وانبياءك ورسلك، ونحب عبادك الصالحين؛ اللهم حببنا اليك والى ملائكتك والى انبيائك ورسلك والى عبادك الصالحين؛ اللهم يسرنا لليسرى، وجنبنا العسرى، واغفر لنا في الاخرة والاولى، واجعلنا من ائمة المتقين". ويقول في ذهابه ورجوعه بين الصفا والمروة: رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم انك انت الاعز الاكرم؛ اللهم اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. ومن الادعية المختارة في السعي وفي كل مكان: اللهم يا مقلب القلوب ("يا مقلب القلوب": اي الى ما سبق به قدره من السعادة والشقاوة، وفي الحديث الصحيح "قلب المؤمن بين اصبعين من اصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء" وما احسن قول بعضهم: وما سمي الانسان الا لنسيه * ولا القلب الا انه يتقلب) ثبت قلبي على دينك ("ثبت قلبي على دينك": هذا منه صلى الله عليه وسلم اما تواضعا واداء لمقام العبودية حقها، او تشريعا لامته، وهذا الذكر رواه الترمذي عن ام سلمة، وقال: حديث حسن. ورواه النسائي عن عائشة والحاكم عن جابر، واحمد عن ام سلمة ايضا) ، اللهم اني اسالك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والسلامة من كل اثم، والفوز بالجنة، والنجاة من النار؛ اللهم اني اسالك الهدى والتقى والعفاف والغنى؛ اللهم اعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك؛ اللهم اني اسالك من الخير كله ما علمت منه وما لم اعلم واعوذ بك من الشر كله ما علمت منه وما لم اعلم، واسالك الجنة وما قرب ("قرب": بتشديد الراء: اي ما قربني اليها) اليها من قول او عمل ("من قول او عمل": او فيه للتنويع، وسواء كان العمل بالظاهر او كان بالقلب او السرائر) ، واعوذ بك من النار وما قرب اليها منن قول او عمل. ولو قرا القران كان افضل. وينبغي ان يجمع بين هذه الاذكار والدعوات والقران، فان اراد الاقتصار اتى بالمهم. (488) النسائي 5/19ـ20، وهو حديث صحيح، اخرجه الامام احمد والنسائي وابن خزيمة. انظر الفتوحات 4/394) . [فصل]: في الاذكار التي يقولها في خروجه من مكة الى عرفات. يستحب اذا خرج من مكة متوجها الى منى ان يقول: اللهم اياك ارجو، ولك ادعو، فبلغني صالح املي، واغفر لي ذنوبي، وامنن علي بما مننت به على اهل طاعتك انك على كل شيء قدير (قال الحافظ: لم اره ـ اي هذا الدعاء ـ مرفوعا، ووجدته في كتاب "المناسك" للحافظ ابي اسحاق الحربي، لكنه لم ينسبه لغيره. الفتوحات 4/405) . واذا سار من منى الى عرفة استحب ان يقول: اللهم اليك توجهت، ووجهك الكريم اردت، فاجعل ذنبي مغفورا، وحجي مبرورا، وارحمني ولا تخيبني انك على كل شيء قدير (قال الحافظ: لم اره ـ اي هذا الدعاء ـ مرفوعا، ووجدته في كتاب "المناسك" للحافظ ابي اسحاق الحربي، لكنه لم ينسبه لغيره. الفتوحات 4/405) . ويلبي ويقرا القران، ويكثر من سائر الاذكار والدعوات، ومن قوله: اللهم اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. [فصل]: في الاذكار والدعوات المستحبات بعرفات. قد قدمنا في اذكار العيد حديث (انظر الحديث برقم 3/445) النبي صلى الله عليه وسلم "خير الدعاء يوم عرفة، وخير ما قلت انا والنبيون من قبلي: لا اله الا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير". فيستحب الاكثار من هذا الذكر والدعاء، ويجتهد في ذلك، فهذا اليوم افضل ايام السنة للدعاء، وهو معظم الحج ("وهو معظم الحج" قال ابن علان: اي الوقوف بعرفة معظم الحج؛ اذ بادراكه يدرك الحج، وبفواته يفوت، ولذا قال صلى الله عليه وسلم: "الحج عرفة". قيل: وهو افضل اركانه لتوقفه عليه، ولما فيه من الفضل العظيم والشرف العميم) ، ومقصوده والمعول عليه، فينبغي ان يستفرغ الانسان وسعه في الذكر والدعاء وفي قراءة القران، وان يدعو بانواع الادعية، وياتي بانواع الاذكار، ويدعو لنفسه ويذكر في كل مكان، ويدعو منفردا ومع جماعة، ويدعو لنفسه ووالديه واقاربه ومشايخه واصحابه واصدقائه واحبابه، وسائر من احسن اليه وجميع المسلمين. وليحذر كل الحذر من التقصير في ذلك كله، فان هذا اليوم لا يمكن تداركه، بخلاف غيره. ولا يتكلف السجع في الدعاء، فانه يشغل القلب ويذهب الانكسار والخضوع والافتقار والمسكنة والذلة والخشوع، ولا باس بان يدعو بدعوات محفوظة معه له او غيره مسجوعة اذا لم يشتغل بتكلف ترتيبها ومراعاة اعرابها. والسنة ان يخفض صوته بالدعاء، ويكثر من الاستغفار والتلفظ بالتوبة من جميع المخالفات مع الاعتقاد بالقلب ويلح في الدعاء ويكرره، ولا يستبطىء الاجابة، ويفتح دعاءه ويختمه بالحمد لله تعالى والثناء عليه سبحانه وتعالى، والصلاة والتسليم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليختمه بذلك وليحرص على ان يكون مستقبل الكعبة وعلى طهارة. [فصل]: في الاذكار المستحبة في الافاضة من عرفة الى مزدلفة. قد تقدم انه يستحب الاكثار من التلبية في كل موطن، وهذا من اكدها. ويكثر من قراءة القران ومن الدعاء، ويستحب ان يقول (قال الحافظ: اخرج ابن خزيمة في صحيحه، عن ابن عمر رضي الله عنهما، ان رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف حتى غربت الشمس، فاقبل يكبر الله ويهلله ويعظمه ويمجده حتى انتهى الى المزدلفة. الفتوحات 5/10) : لا اله الا الله، والله اكبر، ويكرر ذلك. ويقول (قال الحافظ: وهو حسن، ولم اره ماثورا) : اليك اللهم ارغب، واياك ارجو، فتقبل نسكي ووفقني وارزقني فيه من الخير اكثر ما اطلب، ولا تخيبني انك انت الله الجواد الكريم. وهذه الليلة هي ليلة العيد، وقد تقدم في اذكار العيد بيان فضل احيائها بالذكر والصلاة، وقد انضم الى شرف الليلة شرف المكان، وكونه في الحرم والاحرام، ومجمع الحجيج، وعقيب هذه العبادة العظيمة، وتلك الدعوات الكريمة في ذلك الموطن الشريف. [فصل]: في الاذكار المستحبة في المزدلفة والمشعر الحرام. قال الله تعالى: {فاذا افضتم ("فاذا افضتم": اي اندفعتم، يقال فاض الاناء: اذا امتلا حتى ينصب من نواحيه. قال القرطبي: وقيل افضتم: اي دفعتم بكثرة، فمفعوله محذوف، وعلى الثاني اي افضتم انفسكم) من عرفات فاذكروا الله ("فاذكروا الله": اي بالدعاء والتلبية) عند المشعر الحرام ("عند المشعر الحرام": هو ماخوذ من الشعار: اي العلامة لانه من معالم الحج، واصل الحرام: المنع، فهو ممنوع ان يفعل فيه ما لم يؤذن فيه، وسياتي بيان المشعر في الاصل) واذكروه كما هداكم وان كنتم من قبله لمن الضالين} [البقرة:198] فيستحب الاكثار من الدعاء في المزدلفة في ليلته، ومن الاذكار والتلبية وقراءة القران فانها ليلة عظيمة. كما قدمناه في الفصل الذي قبل هذا. ومن الدعاء المذكور فيها: اللهم اني اسالك ان ترزقني في هذا المكان جوامع الخير كله، وان تصلح شاني كله، وان تصرف عني الشر كله، فانه لا يفعل ذلك غيرك، ولا يجود به الا انت (قال الحافظ: لم اره ماثورا، لكن تقدم الدعاء بصلاح الشان) . واذا صلى الصبح في هذا اليوم صلاها في اول وقتها، وبالغ في تبكيرها، ثم يسير الى المشعر الحرام، وهو جبل صغير في اخر المزدلفة يسمى "قزح" بضم القاف وفتح الزاي، فان امكنه صعوده صعده، والا وقف تحته مستقبل الكعبة، فيحمد الله تعالى ويكبره ويهلله ويوحده ويسبحه ويكثر من التلبية والدعاء، ويستحب ان يقول: اللهم كما وقفتنا فيه واريتنا اياه، فوفقنا لذكرك كما هديتنا، واغفر لنا وارحمنا كما وعدتنا بقولك وقولك الحق: {فاذا افضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وان كنتم من قبله لمن الضالين، ثم افيضوا من حيث افاض الناس واستغفروا الله ان الله غفور رحيم} [البقرة: 198 ـ 199] ويكثر من قوله: {ربنا اتنا في الدنيا حسضنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار} [البقرة: 201]. ويستحب ان يقول: "اللهم لك الحمد كله، ولك الكمال كله، ولك الجلال كله، ولك التقديس كله، اللهم اغفر لي جميع ما اسلفته، واعصمني فيما بقي، وارزقني عملا صالحا ترضى به عني يا ذا الفضل العظيم" (قال الحافظ لم اره ماثورا، وورد بعضه غير مقيد في حديث لابي سعيد، اخرجه ابن مننصور في "مسند الفردوس" مرفوعا.. فذكره وقال: وفي سنده خالد بن يزيد العمري، وهو متروك. الفتوحات 5/16) . اللهم اني استشفع اليك بخواص عبادك، واتوسل بك اليك، اسالك ان ترزقني جوامع الخير كله، وان تمن علي بما مننت به على اوليائك، وان تصلح حالي في الاخرة والدنيا يا ارحم الراحمين! (قال الحافظ: لم اره ماثورا) . [فصل]: في الاذكار المستحبة في الدفع من المشعر الحرام الى مننى. اذا اسفر الفجر انصرف من المشعر الحرام متوجها الى منى، وشعاره التلبية والاذكار والدعاء والاكثار من ذلك كله، وليحرص على التلبية فهذا اخر زمنها، وربما لا يقدر له في عمره تلبية بعدها. [فصل]: في الاذكار المستحبة بمنى يوم النحر. اذا انصرف من المشعر الحرام ووصل منى يستحب ان يقول: "الحمد لله الذي بلغنيها سالما معافى، اللهم هذه منى قد اتيتها وانا عبدك وفي قبضتك اسالك ان تمن علي بما مننت به على اوليائك؛ اللهم اني اعوذ بك من الحرمان والمصيبة في ديني يا ارحم الراحمين!" (قال الحافظ: لم اره ماثورا) . فاذا شرع في رمي جمرة العقبة قطع التلبية مع اول حصاة واشتغل بالتكبير فيكبر مع كل حصاة، ولا يسن الوقوف عندها للدعاء، واذا كان معه هدي فنحره او ذبحه، استحب ان يقول عند الذبح او النحر: "بسم الله والله اكبر؛ اللهم صل على محمد وعلى اله وسلم، اللهم منك واليك، تقبل مني" او تقبل من فلان ان كان يذبحه عن غيره. واذا حلق راسه بعد الذبح فقد استحب بعض علمائنا ان يمسك ناصيته (قال الحافظ: لم اره ماثورا) بيده حالة الحلق ويكبر ثلاثا ثم يقول: الحمد لله على ما هدانا، والحمد لله على ما انعم به علينا؛ اللهم هذه ناصيتي فتقبل مني واغفر لي ذنوبي، اللهم اغفر لي وللمحلقين والمقصرين، يا واسع المغفرة! امين. واذا فرغ من الحلق كبر وقال: الحمد لله الذي قضى عنا نسكنا؛ اللهم زدنا ايمانا ويقينا وتوفيقا وعونا، واغفر لنا ولابائنا وامهاتنا والمسلمين اجمعين. [فصل]: في الاذكار المستحبة بمنى في ايام التشريق. [فصل]: واذا نفر من منى فقد انقضى حجه ولم يبق ذكر يتعلق بالحج لكنه مسافر، فيستحب له التكبير والتهليل والتحميد والتمجيد وغير ذلك من الاذكار المستحبة للمسافرين. وسياتي بيانها ان شاء الله تعالى. واذا دخل مكة واراد الاعتمار فعل في عمرته من الاذكار ما ياتي به في الحج في الامور المشتركة بين الحج والعمرة، وهي: الاحرام والطواف والسعي والذبح والحلق، والله اعلم. [فصل]: فيما يقوله اذا شرب ماء زمزم. [فصل]: واذا اراد الخروج من مكة الى وطنه طاف للوداع، ثم اتى الملتزم فالتزمه، ثم قال: "اللهم، البيت بيتك، والعبد عبدك وابن عبدك وابن امتك، حملتني على ما سخرت لي من خلقك، حتى سيرتني في بلادك، وبلغتني بنعمتك حتى اعنتني على قضاء مناسكك، فان كنت رضيت عني فازدد عني رضا والا فمن الان قبل ان يناى عن بيتك داري، هذا اوان انصرافي، ان اذنت لي غير مستبدل بك ولا ببيتك، ولا راغب عنك ولا عن بيتك، اللهم فاصحبني العافية في بدني والعصمة في ديني، واحسن منقلبي، وارزقني طاعتك ما ابقيتني، واجمع لي خيري الاخرة والدنيا، انك على كل شيء قدير" (قال ابن علان: اخرجه البيهقي بسنده الى الشافعي، وقال: هذا من كلام الشافعي، وهو حسن. قال الحافظ ابن حجر: وقد وجدته بمعناه من كلام بعض من روى عنه الشافعي اخرجه الطبراني في كتاب "الدعاء". الفتوحات 5/29) . ويفتتح هذا الدعاء ويختمه بالثناء على الله سبحانه وتعالى، والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تقدم في غيره من الدعوات. وان كانت امراة حائضا استحب لها ان تقف على باب المسجد وتدعو بهذا الدعاء ثم تنصرف، والله اعلم. [فصل]: في زيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم واذكارها. اعلم انه ينبغي لكل من حج ان يتوجه الى زيارة رسول الله صلى الله عليه وسلم، سواء كان ذلك طريقه او لم يكن، فان زيارته صلى الله عليه وسلم من اهم القربات واربح المساعي (اخرج ابو داود وغيره، عن ابي هريرة، عنه صلى الله عليه وسلم انه قال: "ما من احد يسلم علي الا رد الله علي روحي حتى ارد عليه السلام" قال الحافظ: حديث حسن اخرجه احمد والبيهقي وغيرهما. الفتوحات 5/31) وافضل الطلبات، فاذا توجه للزيارة اكثر من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في طريقه، فاذا وقع بصره على اشجار المدينة وحرمها وما يعرف بها زاد من الصلاة والتسليم عليه صلى الله عليه وسلم، وسال الله تعالى ان ينفعه بزيارته صلى الله عليه وسلم، وان يسعده بها في الدارين، وليقل: اللهم افتح علي ابواب رحمتك وارزقني في زيارة قبر نبيك صلى الله عليه وسلم ما رزقته اولياءك واهل طاعتك واغفر لي وارحمني يا خير مسؤول. واذا اراد دخول المسجد استحب ان يقول ما يقوله عند دخول باقي المساجد، وقد قدمناه في اول الكتاب، فاذا صلى تحية المسجد اتى القبر الكريم فاستقبله واستدبر القبلة على نحو اربع اذرع من جدار القبر، وسلم مقتصدا لا يرفع صوته، فيقول: "السلام عليك يا رسول الله! السلام عليك يا خيرة الله من خلقه! السلام عليك يا حبيب الله! السلام عليك يا سيد المرسلين وخاتم النبيين! السلام عليك وعلى الك واصحابك واهل بيتك وعلى النبيين وسائر الصالحين؛ اشهد انك بلغت الرسالة، واديت الامانة، ونصحت الامة، فجزاك الله عنا افضل ما جزى رسولا عن امته" (قال الحافظ: لم اجده ماثورا بهذا التمام، وقد ورد عن ابن عمر بعضه، انه كان يقف على قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول: السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا ابا بكر السلام عليك يا عمر وهو موقوف صحيح. وعن مالك ـ رحمه الله ـ يقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وهذا الوارد عن ابن عمر وغيره، مال اليه الطبري فقال: وان قال الزائر ما تقدم من التطويل فلا باس به؛ الا ان الاتباع اولى من الابتداع ولو حسن. الفتوحات الربانية 5/34) . وان كان قد اوصاه احد بالسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: السلام عليك يا رسول الله من فلان بن فلان! ثم يتاخر قدر ذراع الى جهة يمينه فيسلم على ابي بكر، ثم يتاخر ذراعا اخر للسلام على عمر رضي الله عنهما، ثم يرجع الى موقفه الاول قبالة وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيتوسل به في حق نفسه، ويتشفع به الى ربه سبحانه وتعالى، ويدعو لنفسه ولوالديه واصحابه واحبابه ومن احسن اليه وسائر المسلمين، وان يجتهد في اكثار الدعاء، ويغتنم هذا الموقف الشريف ويحمد الله تعالى ويسبحه ويكبره ويهلله ويصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكثر من كل ذلك، ثم ياتي الروضة بين القبر والمنبر، فيكثر من الدعاء فيها.