الاذكار النووية كتاب السلام والاستئذان وتشميت العاطس وما يتعلق بها

الاذكار النووية

كتاب السلام والاستئذان وتشميت العاطس وما يتعلق بها

متسلسل العدد النوع العنوان الوصف
1 - - كتاب السلام والاستئذان وتشميت العاطس وما يتعلق بها قال الله سبحانه وتعالى: {فاذا دخلتم بيوتا فسلموا على انفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة} [النور: 61] وقال تعالى: {واذا حييتم بتحية فحيوا باحسن منها او ردوها}[النساء:86] وقال تعالى: {لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستانسوا وتسلموا على اهلها}[النور:27] وقال تعالى: {واذا بلغ الاطفال منكم الحلم فليستاذنوا كما استاذن الذين من قبلهم} [النور:59] وقال تعالى: {وهل اتاك حديث ضيف ابراهيم المكرمين اذ دخلوا عليه فقالوا سلاما، قال سلام} [الذاريات:24]. واعلم ان اصل السلام ثابت بالكتاب والسنة والاجماع. واما افراد مسائله وفروعه فاكثر من ان تحصر، وانا اختصر مقاصده في ابواب يسيرة ان شاء الله تعالى، وبه التوفيق والهداية والاصابة والرعاية.
2 8 احاديث 212ـ باب فضل السلام والامر بافشائه
3 4 احاديث 213ـ باب كيفية السلام اعلم ان الافضل ان يقول المسلم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فياتي بضمير الجمع وان كان المسلم عليه واحدا، ويقول المجيب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وياتي بواو العطف في قوله: وعليكم. وممن نص على ان الافضل في المبتدىء ان يقول "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته" الامام اقضى القضاة ابو الحسن الماوردي في كتابه "الحاوي" في كتاب السير، والامام ابو سعد المتولي من اصحابنا في كتاب "صلاة الجمعة" وغيرها. [فصل]: [فصل]: واقل السلام الذي يصير به مؤديا سنة السلام ان يرفع صوته بحيث يسمع المسلم عليه، فان لم يسمعه لم يكن اتيا بالسلام، فلا يجب الرد عليه. واقل ما يسقط به فرض رد السلام ان يرفع صوته بحيث يسمعه المسلم، فان لم يسمعه لم يسقط عنه فرض الرد، ذكرهما المتولي وغيره. قلت: والمستحب ان يرفع صوته رفعا يسمعه به المسلم عليه او عليهم سماعا محققا، واذا تشكك في انه يسمعهم زاد في رفعه، واحتاط واستظهر، اما اذا سلم على ايقاظ عندهم نيام، فالسنة ان يخفض صوته بحيث يحصل سماع الايقاظ ولا يستيقظ النيام. [فصل]: قال الامام ابو محمد القاضي حسين، والامام ابو الحسن الواحدي وغيرهما من اصحابنا: ويشترط ان يكون الجواب على الفور، فان اخره ثم رد لم يعد جوابا، وكان اثما بترك الرد.
4 2 احاديث 214ـ باب ما جاء في كراهة الاشارة بالسلام باليد ونحوها بلا لفظ
5 10 احاديث 215ـ باب حكم السلام اعلم ان ابتداء السلام سنة مستحبة ليس بواجب، وهو سنة على الكفاية، فان كان المسلم جماعة كفى عنهم تسليم واحد منهم، ولو سلموا كلهم كان افضل. قال الامام القاضي حسين من ائمة اصحابنا في كتاب "السير" من تعليقه: ليس لنا سنة على الكفاية الا هذا. قلت: وهذا الذي قاله القاضي من الحصر ينكر عليه، فان اصحابنا رحمهم الله قالوا: تشميت العاطس سنة على الكفاية كما سياتي بيانه قريبا ان شاء الله تعالى. وقال جماعة من اصحابنا بل كلهم: الاضحية سنة على الكفاية في حق كل اهل بيت، فاذا ضحى واحد منهم حصل الشعار والسنة لجميعهم. واما رد السلام، فان كان المسلم عليه واحدا تعين عليه الرد، وان كانوا جماعة كان رد السلام فرض كفاية عليهم، فان رد واحد منهم سقط الحرج عن الباقين، وان تركوه كلهم اثموا كلهم، وان ردوا كلهم فهو النهاية في الكمال والفضيلة، وكذا قاله اصحابنا، وهو ظاهر حسن. واتفق اصحابنا على انه لو رد غيرهم لم يسقط الرد عنهم، بل يجب عليهم ان يردوا، فان اقتصروا على رد ذلك الاجنبي اثموا. [فصل]: قال الامام ابو سعد المتولي وغيره: اذا نادى انسان انسانا من خلف ستر او حائط فقال: السلام عليك يا فلان! او كتب كتابا فيه: السلام عليك يا فلان، او السلام على فلان، او ارسل رسولا وقال: سلم على فلان، فبلغه الكتاب او الرسول، وجب عليه ان يرد السلام؛ وكذا ذكر الواحدي وغيره ايضا انه يجب على المكتوب اليه رد السلام اذا بلغه السلام. [فصل]: اذا بعث انسان مع انسان سلاما، فقال الرسول: فلان يسلم عليك، فقد قدمنا انه يجب عليه ان يرد على الفور، ويستحب ان يرد على المبلغ ايضا، فيقول: وعليك وعليه السلام. [فصل]: قال المتولي: اذا سلم على اصم لا يسمع فينبغي ان يتلفظ بلفظ السلام لقدرته عليه، ويشير باليد حتى يحصل الافهام ويستحق الجواب، فلو لم يجمع بينهما لا يستحق الجواب. قال: وكذا لو سلم عليه اصم واراد فيتلفظ باللسان ويشير بالجواب ليحصل به الافهام ويسقط عنه فرض الجواب. قال: ولو سلم على اخرس فاشار الاخرس باليد سقط عنه الفرض لان اشارته قائمة مقام العبارة، وكذا لو سلم عليه اخرس بالاشارة يستحق الجواب كما ذكرنا. [فصل]: قال المتولي: لو سلم على صبي لا يجب عليه الجواب، لان الصبي ليس من اهل الفرض، وهذا الذي قاله صحيح، لكن الادب والمستحب له الجواب. قال القاضي حسين وصاحبه المتولي: ولو سلم الصبي على بالغ، فهل يجب عليه الرد؟ فيه وجهان ينبنيان على صحة اسلامه، ان قلنا يصح اسلامه كان سلامه كسلام البالغ فيجب جوابه. وان قلنا لا يصح اسلامه لم يجب رد السلام لكن يستحب. قلت: الصحيح منن الوجهين وجوب رد السلام لقول الله تعالى: {واذا حييتم بتحية فحيوا باحسن منها او ردوها} [النساء 86] واما قولهما انه مبني على اسلامه، فقال الشاشي: هذا بناء فاسد، وهو كما قال والله اعلم. ولو سلم بالغ على جماعة فيهم صبي فرد الصبي ولم يرد منهم غيره، فهل يسقط عنهم؟ فيه وجهان: اصحهما ـ وبه قال القاضي حسين وصاحبه المتولي ـ لا يسقط لانه ليس اهلا للفرض، والرد فرض فلم يسقط به كما لا يسقط به الفرض في الصلاة على الجنازة. والثاني هو قول ابي بكر الشاشي، صاحب المستظهري، من اصحابنا انه يسقط، كما يصح اذانه للرجال ويسقط عنه طلب الاذان. قلت: واما الصلاة على الجنازة فقد اختلف اصحابنا في سقوط فرضها بصلاة الصبي على وجهين مشهورين: الصحيح منهما عند الاصحاب انه يسقط، ونص عليه الشافعي، والله اعلم. [فصل]: اذا سلم عليه انسان ثم لقيه على قرب يسن له ان يسلم عليه ثانيا وثالثا واكثر، اتفق عليه صحابنا، ويدل عليه: [فصل]: اذا تلاقى رجلان فسلم كل واحد منهما على صاحبه دفعة واحدة او احدهما بعد الاخر، فقال القاضي حسين وصاحبه ابو سعد المتولي: يصير كل واحد منهما مبتدئا بالسلام فيجب على كل واحد منهما ان يرد على صاحبه. وقال الشاشي: هذا فيه نظر. فان هذا اللفظ يصلح للجواب، فاذا كان احدهما بعد الاخر كان جوابا، وان كان دفعة لم يكن جوابا، وهذا الذي قاله الشاشي هو الصواب. [فصل]: اذا لقي اسانا فقال المبتدىء "وعليكم السلام" قال المتولي: لا يكون ذلك سلاما، فلا يستحق جوابا، لان هذه الصيغة لا تصلح للابتداء. قلت: اما اذا قال: عليك، او عليكم السلام، بغير واو، فقطع الامام ابو الحسن الواحدي بانه سلام يتحتم على المخاطب به الجواب، وان كان قد قلب اللفظ المعتاد، وهذا الذي قاله الواحدي هو الظاهر. وقد جزم ايضا امام الحرمين به فيجب فيه الجواب لانه يسمى سلاما، ويحتمل ان يقال في كونه سلاما وجهان كالوجهين لاصحابنا فيما اذا قال في تحلله من الصلاة "عليكم السلام" هل يحصل به التحلل ام لا؟ الاصح انه يحصل، ويحتمل ان يقال: ان هذا لا يستحق فيه جوابا بكل حال. [فصل]: السنة ان المسلم يبدا بالسلام قبل كل كلام، والاحاديث الصحيحة وعمل سلف الامة وخلفها على وفق ذلك مشهورة، فهذا هو المعتمد في دليل الفصل. [فصل]: الابتداء بالسلام افضل لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "وخيرهما الذي يبدا بالسلام" (البخاري (6077) ، ومسلم (2560) ) . فينبغي لكل واحد من المتلاقين ان يحرص على ان يبتدىء بالسلام.
6 - - 216ـ باب الاحوال التي يستحب فيها السلام، والتي يكره فيها، والتي يباح اعلم انا مامورون بافشاء السلام كما قدمناه، لكنه يتاكد في بعض الاحوال ويخف في بعضها. ونهي عنه في بعضها، فاما احوال تاكده واستحبابه فلا تنحصر، فانها الاصل فلا نتكلف التعرض لافرادها. واعلم انه يدخل في ذلك السلام على الاحياء والموتى، وقد قدمنا في كتاب اذكار الجنائز كيفية السلام على الموتى. واما الاحوال التي يكره فيها او يخف او يباح فهي مستثناة من ذلك فيحتاج الى بيانها، فمن ذلك اذا كان المسلم عليه مشتغلا بالبول او الجماع او نحوهما فيكره ان يسلم عليه، ولو سلم لا يستحق جوابا، ومن ذلك من كان نائما او ناعسا، ومن ذلك من كان مصليا او مؤذنا في حال اذانه او اقامته الصلاة، او كان في حمام او نحو ذلك من الامور التي لا يؤثر السلام عليه فيها، ومن ذلك اذا كان ياكل واللقمة في فمه، فان سلم عليه في هذه الاحوال لم يستحق جوابا. اما اذا كان على الاكل وليست اللقمة في فمه فلا باس بالسلام، ويجب الجواب. وكذلك في حال المبايعة وسائر المعاملات يسلم ويجب الجواب. واما السلام في حال خطبة الجمعة فقال اصحابنا: يكره الابتداء به لانهم مامورون بالانصات للخطبة، فان خالف وسلم فهل يرد عليه؟ فيه خلاف لاصحابنا، منهم من قال: لا يرد عليه لتقصيره، ومنهم من قال: ان قلنا ان الانصات واجب لا يرد عليه، وان قلنا ان الانصات سنة رد عليه واحد من الحاضرين، ولا يرد عليه اكثر من واحد على كل وجه. واما السلام على المشتغل بقراءة القران، فقال الامام ابو الحسن الواحدي: الاولى ترك السلام عليه لاشتغاله بالتلاوة، فان سلم عليه كفاه الرد بالاشارة، وان رد باللفظ استانف الاستعاذة ثم عاد الى التلاوة، هذا كلام الواحدي، وفيه نظر؛ والظاهر ان يسلم عليه ويجب الرد باللفظ. اما اذا كان مشتغلا بالدعاء مستغرقا فيه مجمع القلب عليه، فيحتمل ان يقال هو كالمشتغل بالقراءة على ما ذكرناه، والاظهر عندي في هذا انه يكره السلام عليه، لانه يتنكد به ويشق عليه اكثر من مشقة الاكل. واما الملبي في الاحرام فيكره ان يسلم عليه، لانه يكره له قطع التلبية، فان سلم عليه رد السلام باللفظ، نص عليه الشافعي واصحابنا رحمهم الله. [فصل]: قد تقدمت الاحوال التي يكره فيها السلام، وذكرنا انه لا يستحق فيها جوابا فلو اراد المسلم عليه ان يتبرع برد السلام هل يشرع له، او يستحب؟ فيه تفصيل؛ فاما المشتغل بالبول ونحوه فيكره له رد السلام، وقد قدمنا هذا في اول الكتاب؛ واما الاكل ونحوه فيستحب له الجواب في الموضع الذي لا يجب؛ واما المصلي فيحرم عليه ان يقول: وعليكم السلام، فان فعل ذلك بطلت صلاته ان كان عالما بتحريمه، وان كان جاهلا لم تبطل على اصح الوجهين عندنا، وان قال عليه السلام بلفظ الغيبة لم تبطل صلاته لانه دعاء ليس بخطاب. والمستحب ان يرد عليه في الصلاة بالاشارة ولا يتلفظ بشيء، وان رد بعد الفراغ من الصلاة باللفظ فلا باس. واما المؤذن فلا يكره له رد الجواب بلفظه المعتاد، لان ذلك يسير لا يبطل الاذان ولا يخل به.
7 14 احاديث 217ـ باب من يسلم عليه ومن لا يسلم عليه ومن يرد عليه ومن لا يرد عليه اعلم ان الرجل المسلم الذي ليس بمشهور بفسق ولا بدعة يسلم ويسلم عليه، فيسن له السلام، ويجب الرد عليه. قال اصحابنا: والمراة مع المراة كالرجل مع الرجل. واما المراة مع الرجل؛ فقال الامام ابو سعد المتولي: ان كانت زوجته او جاريته او محرما منن محارمه، فهي معه كالرجل، فيستحب لكل واحد منهما ابتداء الاخر بالسلام، ويجب على الاخر رد السلام عليه؛ وان كانت اجنبية، فان كانت جميلة يخاف الافتتان بها لم يسلم الرجل عليها، ولو سلم لم يجز لها رد الجواب، ولم تسلم هي عليه ابتداء، فان سلمت لم تستحق جوابا فان اجابها كره له، وان كانت عجوزا لا يفتتن بها جاز ان تسلم على الرجل، وعلى الرجل رد السلام عليها؛ واذا كانت النساء جمعا فيسلم عليهن الرجل، او كان الرجال جمعا كثيرا فسلموا على المراة الواحدة جاز، اذا لم يخف عليه ولا عليهن ولا عليها او عليهم فتنة. [فصل]: واما اهل الذمة فاختلف اصحابنا فيهم، فقطع الاكثرون باننه لا يجوز ابتداؤهم بالسلام. وقال اخرون: ليس هو بحرام، بل هو مكروه، فان سلموا هم على مسلم قال في الرد: وعليكم، ولا يزيد على هذا. وحكى اقضى القضاة الماوردي وجها لبعض اصحابنا، انه يجوز ابتداؤهم بالسلام، لكن يقتصر المسلم على قوله: السلام عليك، ولا يذكره بلفظ الجمع. وحكى الماوردي وجها انه يقول في الرد عليهم اذا ابتدؤوا: وعليكم السلام، ولكن لا يقول ورحمة الله، وهذان الوجهان شاذان ومردودان. [فصل]: واما المبتدع ومن اقترف ذنبا عظيما ولم يتب منه، فينبغي ان لا يسلم عليهم ولا يرد عليهم السلام، كذا قاله البخاري وغيره من العلماء. واحتج الامام ابو عبد الله البخاري في صحيحه في هذه المسالة: [فصل]: واما الصبيان فالسنة ان يسلم عليهم.
8 15 احاديث 218ـ باب في اداب ومسائل من السلام [فصل]: قال المتولي: اذا لقي رجل جماعة فاراد ان يخص طائفة منهم بالسلام كره، لان القصد من السلام المؤانسة والالفة، وفي تخصيص البعض ايحاش للباقين، وربما صار سببا للعداوة. [فصل]: اذا مشى في السوق او الشوارع المطروقة كثيرا ونحو ذلك مما يكثر فيه المتلاقون، فقد ذكر اقضى القضاة الماوردي ان السلام هنا انما يكون لبعض الناس دون بعض. قال: لانه لو سلم على كل من لقي لتشاغل به عن كل مهم، ولخرج به عن العرف. قال: وانما يقصد بهذا السلام احد امرين: اما اكتساب ود، واما استدفاع مكروه. [فصل]: قال المتولي: اذا سلمت جماعة على رجل فقال: وعليكم السلام، وقصد الرد على جميعهم سقط عنه فرض الرد في حق جميعهم، كما لو صلى على جنائز دفعة واحدة فانه يسقط فرض الصلاة على الجميع. [فصل]: قال الماوردي: اذا دخل انسان على جماعة قليلة يعمهم سلام واحد، اقتصر على سلام واحد على جميعهم، وما زاد من تخصيص بعضهم فهو ادب، ويكفي ان يرد منهم واحد، فمن زاد منهم فهو ادب. قال: فان كان جمعا لا ينتشر فيهم السلام الواحد كالجامع والمجلس الحفل؛ فسنة السلام ان يبتدىء به الداخل في اول دخوله اذا شاهد القوم ويكون مؤديا سنة السلام في حق جميع من سمعه، ويدخل في فرض كفاية الرد جميع من سمعه، فان اراد الجلوس فيهم سقط عنه سنة السلام فيمن لم يسمعه من الباقين، وان اراد ان يجلس فيمن بعدهم ممن لم يسمع سلامه المتقدم ففيه وجهان لاصحابنا: احدهما ان سنة السلام عليهم قد حصلت بالسلام على اوائلهم لانهم جمع واحد، فلو اعاد السلام عليهم كان ادبا، وعلى هذا اي اهل المسجد رد عليه سقط به فرض الكفاية عن جميعهم. والوجه الثاني ان سنة السلام باقية لمن لم يبلغهم سلامه المتقدم اذا اراد الجلوس فيهم، فعلى هذا لا يسقط فرض رد السلام المتقدم عن الاوائل برد الاواخر. [فصل]: ويستحب اذا دخل بيته ان يسلم وان لم يكن فيه احد، وليقل: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. وقد قدمنا (انظر ص 72 باب رقم 9) في اول الكتاب بيان ما يقوله اذا دخل بيته. وكذا اذا دخل مسجدا او بيتا لغيره ليس فيه احد يستحب ان يسلم وان يقول: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، السلام عليكم اهل البيت ورحمة الله وبركاته. [فصل]: اذا كان جالسا مع قوم ثم قام ليفارقهم، فالسنة ان يسلم عليهم. [فصل]: اذا مر على واحد او اكثر وغلب على ظنه انه اذا سلم لا يرد عليه، اما لتكبر الممرور عليه، واما لاهماله المار او السلام، واما لغير ذلك، فينبغي ان يسلم ولا يتركه لهذا الظن، فان السلام مامور به، والذي امر به المار ان يسلم ولم يؤمر بان يحصل الرد مع ان الممرور عليه قد يخطىء الظن فيه ويرد. واما قول من لا تحقيق عنده: ان سلام المار سبب لحصول الاثم في حق الممرور عليه فهو جهالة ظاهرة وغباوة بينة، فان المامورات الشرعية لا تسقط عن المامور بها بمثل هذه الخيالات، ولو نظرنا الى هذا الخيال الفاسد لتركنا انكار المنكر على من فعله جاهلا كونه منكرا، وغلب على ظننا انه لا ينزجر بقولنا، فان انكارنا عليه وتعريفنا له قبحه يكون سببا لاثمه اذا لم يقلع عنه، ولا شك في انا لا نترك الانكار بمثل هذا، ونظائر هذا كثيرة معروفة، والله اعلم. ويستحب لمن سلم على انسان واسمعه سلامه وتوجه عليه الرد بشروطه فلم يرد؛ ان يحلله من ذلك فيقول؟ ابراته من حقي في رد السلام، او جعلته في حل منه ونحو ذلك، ويلفظ بهذا، فانه يسقط به حق هذا الادمي، والله اعلم. [فصل]: وينبغي اذا استاذن على انسان بالسلام او بدق الباب فقيل له: من انت؟ ان يقول: فلان بن فلان، او فلان الفلاني، او فلان المعروف بكذا، او ما اشبه ذلك، بحيث يحصل التعريف التام به، ويكره ان يقتصر على قوله انا، او الخادم، او بعض الغلمان، او بعض المحبين، وما اشبه ذلك. [فصل]: ولا باس ان يصف نفسه بما يعرف اذا لم يعرفه المخاطب بغيره، وان كان فيه صورة تبجيل له بان يكني نفسه، او يقول انا المفتي فلان، او القاضي، او الشيخ فلان، او ما اشبه ذلك.
9 24 احاديث 220ـ باب في مسائل تتفرع على السلام مسالة: قال ابو سعد المتولي: التحية عند الخروج من الحمام بان يقال له: طاب حمامك، لا اصل لها؛ ولكن روي ان علي رضي الله عنه قال لرجل خرج من الحمام: طهرت فلا نجست. قلت: هذا المحل لم يصح فيه شيء، ولو قال انسان لصاحبه على سبيل المودة والمؤالفة واستجلاب الود: ادام الله لك النعيم ونحو ذلك من الدعاء فلا باس به. مسالة: اذا ابتدا المار الممرور عليه فقال: صبحك الله بالخير، او بالسعادة، او قواك الله، ولا اوحش الله منك، او غير ذلك من الالفاظ التي يستعملها الناس في العادة، لم يستحق جوابا؛ لكن لو دعا له قباله ذلك كان حسنا، الا ان يترك جوابه بالكلية زجرا في تخلفه واهماله السلام، وتاديبا له ولغيره في الاعتناء بالابتداء بالسلام. [فصل]: اذا اراد تقبيل يد غيره، ان كان ذلك لزهده وصلاحه او علمه او شرفه وصيانته او نحو ذلك من الامور الدينية لم يكره بل يستحب؛ وان كان لغناه ودنياه وثروته وشوكته ووجاهته عند اهل الدنيا ونحو ذلك فهو مكروه شديد الكراهة. وقال المتولي من اصحابنا: لا يجوز، فاشار الى انه حرام. [فصل]: ولا باس بتقبيل وجه الميت الصالح للتبرك، ولا باس بتقبيل الرجل وجه صاحبه اذا قدم من سفر ونحوه. [فصل]: في المصافحة: اعلم انها سنة مجمع عليها عند التلاقي. [فصل]: ويستحب مع المصافحة، البشاشة بالوجه، والدعاء بالمغفرة وغيرها. [فصل]: ويكره حني الظهر في كل حال لكل احد، ويدل عليه ما قدمنا في الفصلين المتقدمين من حديث انس، وقوله: اينحني له؟ قال: "لا" وهو حديث حسن كما ذكرناه ولم يات له معارض فلا مصير الى مخالفته، ولا يغتر بكثرة من يفعله ممن ينسب الى علم او صلاح وغيرهما من خصال الفضل، فان الاقتداء انما يكون برسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: {وما اتاكم الرسول فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا} [الحشر:7] وقال تعالى: {فليحذر الذين يخالفون عن امره ان تصيبهم فتنة او يصيبهم عذاب اليم} [النور:63]. وقد قدمنا في كتاب الجنائز (انظر ص 271، باب رقم 121) ، عن الفضيل بن عياض رضي الله عنه ما معناه: اتبع طرق الهدى، ولا يضرك قلة السالكين، واياك وطرق الضلالة، ولا تغتر بكثرة الهالكين، وبالله التوفيق. [فصل]: واما اكرام الداخل بالقيام، فالذي نختاره انه مستحب لمن كان فيه فضيلة ظاهرة من علم او صلاح او شرف او ولاية مصحوبة بصيانة، او له ولادة او رحم مع سن ونحو ذلك، ويكون هذا القيام للبر والاكرام والاحترام لا للرياء والاعظام، وعلى هذا الذي اخترناه استمر عمل السلف والخلف، وقد جمعت في ذلك جزءا جمعت فيه الاحاديث والاثار واقوال السلف وافعالهم الدالة على ما ذكرته، ذكرت فيه ما خالفها واوضحت الجواب عنه، فمن اشكل عليه من ذلك شيء ورغب في مطالعة ذلك الجزء رجوت ان يزول اشكاله ان شاء الله تعالى، والله اعلم. [فصل]: يستحب استحبابا متاكدا زيارة الصالحين والاخوان والجيران والاصدقاء والاقارب واكرامهم وبرهم وصلتهم، وضبط ذلك يختلف باختلاف احواله ومراتبهم وفراغهم. وينبغي ان تكون زيارته لهم على وجه لا يكرهونه وفي وقت يرتضونه. والاحاديث والاثار في هذا كثيرة مشهورة، ومن احسنها: [فصل]: في استحباب طلب الانسان من صاحبه الصالح ان يزوره، وان يكثر من زيارته.
10 18 احاديث 221ـ باب تشميت العاطس وحكم التثاؤب [فصل]: اتفق العلماء على انه يستحب للعاطس ان يقول عقب عطاسه: الحمد لله، فلو قال: الحمد لله رب العالمين كان احسن، ولو قال: الحمد لله على كل حال كان افضل. [فصل]: اذا لم يحمد العاطس لا يشمت؛ للحديث المتقدم. واقل الحمد والتشميت وجوابه ان يرفع صوته بحيث يسمع صاحبه. [فصل]: اذا قال العاطس لفظا اخر غير الحمد لله لم يستحق التشميت. [فصل]: اذا عطس في صلاته يستحب ان يقول: الحمد لله، ويسمع نفسه، هذا مذهبنا. ولاصحاب مالك ثلاثة اقوال: احدها هذا، واختاره ابن العربي. والثاني يحمد في نفسه، والثالث قاله سحنون: لا يحمد جهرا ولا في نفسه. [فصل]: السنة اذا جاءه العطاس ان يضع يده او ثوبه او نحو ذلك على فمه وان يخفض صوته. [فصل]: اذا تكرر العطاس من انسان متتابعا، فالسنة ان يشمته لكل مرة الى ان يبلغ ثلاث مرات. [فصل]: اذا عطس ولم يحمد الله تعالى فقد قدمنا انه لا يشمت، وكذا لو حمد الله تعالى ولم يسمعه الانسان لا يشمته، فان كانوا جماعة فسمعه بعضهم دون بعض فالمختار انه يشمته من سمعه دون غيره. وحكى ابن العربي خلافا في تشميت الذين لم يسمعوا الحمد اذا سمعوا تشميت صاحبهم، فقيل يشمته لانه عرف عطاسه وحمده بتشميت غيره، وقيل لا، لانه لم يسمعه. واعلم انه اذا لم يحمد اصلا يستحب لمن عنده ان يذكره الحمد، هذا هو المختار. وقد روينا في معالم السنن للخطابي نحوه عن الامام الجليل ابراهيم النخعي، وهو باب النصيحة والامر بالمعروف، والتعاون على البر والتقوى، وقال ابن العربي: لا يفعل هذا وزعم انه جهل من فاعله. واخطا في زعمه، بل الصواب استحبابه لما ذكرناه، وبالله التوفيق. [فصل]: فيما اذا عطس يهودي. [فصل]: روينا في مسند ابي يعلى الموصلي (مسند ابي يعلى الموصلي، وهو حديث ضعيف، واخرجه الطبراني والدارقطني في الافراد، والبيهقي وقال: انه منكر، وقال غيره: انه باطل ولو كان سنده كالشمس عن ابي هريرة رضي الله عنه قال: %قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حدث حديثا فعطس عنده فهو حق" كل اسناده ثقات متقنون الا بقية بن الوليد فمختلف فيه، واكثر الحفاظ والائمة يحتجون بروايته عن الشاميين، وقد روي هذا الحديث عن معاوية بن يحيى الشامي. [فصل]: اذا تثاءب فالسنة ان يرد ما استطاع للحديث الصحيح الذي قدمناه. والسنة ان يضع يده على فيه.
11 3 احاديث 222ـ باب المدح اعلم ان مدح الانسان والثناء عليه بجميل صفاته قد يكون في وجه الممدوح، وقد يكون بغير حضوره، فاما الذي في غير حضوره فلا منع منه الا ان يجازف المادح ويدخل في الكذب فيحرم عليه بسبب الكذب لا لكونه مدحا، ويستحب هذا المدح الذي لا كذب فيه اذا ترتب عليه مصلحة ولم يجر الى مفسدة بان يبلغ الممدوح فيفتتن به، او غير ذلك. واما المدح في وجه الممدوح فقد جاءت فيه احاديث تقتضي اباحته او استحبابه، واحاديث تقتضي المنع منه. قال العلماء: وطريق الجمع بين الاحاديث ان يقال: ان كان الممدوح عنده كمال ايمان وحسن يقين ورياضة نفس ومعرفة تامة بحيث لا يفتتن ولا يغتر بذلك ولا تلعب به نفسه فليس بحرام ولا مكروه، وان خيف عليه شيء من هذه الامور كره مدحه كراهة شديدة. فمن احاديث المنع:
12 5 احاديث 223ـ باب مدح الانسان نفسه وذكر محاسنه قال الله تعالى: {فلا تزكوا انفسكم} [النجم:32] اعلم ان ذكر محاسن نفسه ضربان: مذموم، ومحبوب، فالمذموم ان يذكره للافتخار واظهار الارتفاع والتميز على الاقران وشبه ذلك؛ والمحبوب ان يكون فيه مصلحة دينية، وذلك بان يكون امرا بمعروف او ناهيا عن منكر او ناصحا او مشيرا بمصلحة او معلما او مؤدبا او واعظا او مذكرا او مصلحا بين اثنين او يدفع عن نفسه شرا او نحو ذلك، فيذكر محاسنه ناويا بذلك ان يكون هذا اقرب الى قبول قوله واعتماد ما يذكره، او ان هذا الكلام الذي اقوله لا تجدونه عند غيري فاحتفظوا به او نحو ذلك، وقد جاء في هذا لهذا المعنى ما لا يحصى من النصوص كقول النبي صلى الله عليه وسلم "انا النبي لا كذب" "انا سيد ولد ادم" "انا اول من تنشق عنه الارض" :انا اعلمكم بالله واتقاكم" "اني ابيت عند ربي" واشباهه كثيرة، وقال يوسف صلى الله عليه وسلم: "{اجعلني على خزائن الارض اني حفيظ عليم} [يوسف:55] وقال شعيب صلى الله عليه وسلم: {ستجدني ان شاء الله من الصالحين} [القصص:27].
13 - - 224ـ باب في مسائل تتعلق بما تقدم [مسالة]: يستحب اجابة من ناداك بلبيك وسعديك او لبيك وحدها، ويستحب ان يقول لمن ورد عليه مرحبا، وان يقول لمن احسن اليه او راى منه فعلا جميلا: حفظك الله وجزاك الله خيرا، وما اشبهه، ودلائل هذا من الحديث الصحيح كثيرة مشهورة. [مسالة]: ولا باس بقوله للرجل الجليل في علمه او صلاحه او نحو ذلك: جعلني الله فداك، او فداك ابي وامي وما اشبهه، ودلائل هذا من الحديث الصحيح كثيرة مشهورة حذفتها اختصارا. [مسالة]: اذا احتاجت المراة الى كلام غير المحارم في بيع او شراء او غير ذلك من المواضع التي يجوز لها كلامه فيها فينبغي ان تفخم عبارتها وتغلظها (في "ا": "فينبغي لها ان تفخم كلامها وتغلظ عبارتها" وما اثبته من بقية النسخ) ولا تلينها مخافة من طمعه فيها. قال الامام ابو الحسن الواحدي من اصحابنا في كتابه "البسيط": قال اصحابنا: المراة مندوبة اذا خاطبت الاجانب الى الغلظة في المقالة، لان ذلك ابعد من الطمع في الريبة، وكذلك اذا خاطبت محرما عليها بالمصاهرة، الا ترى ان الله تعالى اوصى امهات المؤمنين وهن محرمات على التابيد بهذه الوصية، فقال تعالى: {يا نساء النبي لستن كاحد من النساء ان اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض} [الاحزاب:32] قلت: هذا الذي ذكره الواحدي من تغليظ صوتها، كذا قاله اصحابنا. قال الشيخ ابراهيم المروزي من اصحابنا: طريقها في تغليظه ان تاخذ ظهر كفها بفيها وتجيب كذلك، والله اعلم. وهذا الذي ذكره الواحدي من ان المحرم بالمصاهرة كالاجنبي في هذا ضعيف وخلاف المشهور عند اصحابنا؛ لانه كالمحرم بالقرابة في جواز النظر والخلوة. واما امهات المؤمنين فانهن امهات في تحريم نكاحهن ووجوب احترامهن فقط، ولهذا يحل نكاح بناتهن، والله اعلم.